قصة مشوقة للاديب رعد الامارة/العراق
قصة (مكر )
أنه مساء الخميس، وكانتْ قد تَزينتْ بالكامل، وأصبح كل مافيها يضجُّ بالأثارة . أخذتْ تقتل الوقت بطلاء أظافرها، لقد تأخر الملعون، هكذا همستْ لنفسها، وهي تنفخ أنفاساً حارة في أصابعها. مَشتْ بخطواتٍ ثقيلة وهي تجرُّ خفّيها خلفها جراً نحو النافذة، تأففتْ وهي تزيح طرف الستارة ثم اعترى ملامحها شيئاً من أسى، تباً وماذا بعد!أنه يتأخر دوماً هكذا، شعرتْ بالرغبة تتآكلها حين أحتك صدرها بطرف الستارة، سحقاً ، ثمة وحش في داخلها بدأ يعوي،غيابه طال وكل شيء لديه مغلق، أعذار واهية، ابسطها نفد شحن الموبايل! ظلّتْ رابضة في مكانها ترنو بعينيها المكحلتين، وهي تحاول قدر الأمكان البحث في الشارع شبه المعتم عن أثرٍ لخطوات قادمة. كان الوقت قد جاوز العاشرة مساءً بقليل،وقد دَأبتْ الساعة الكبيرة المثبتة بالجدار على تذكيرها بذلك،جَذبتْ طرف الستارة للأسفل، تَقلصتْ اصابعها وهي تكرر همسها المألوف :
_ملعون، ملعون!. رَفعتْ ساقيها على التوالي، أدركتْ بأنها قد توقفتْ عند النافذة أكثر مما ينبغي، استدارتْ وهي ترمق الأريكة التركية الفخمة بعين الرضا، وقررت أن تسترخي قليلاً. تَمددتْ بكامل جسدها، وغرقت في أحضان الأريكة الوثيرة، حاولت قدر الإمكان أن لاتفكر بشيء، وأن تترك ذهنها صافياً،فالتفكير متعب، والغضب أيضاً، عليها أن تحافظ على نظارتها، فجمالها هو رأسمالها في كل الأحوال. بعد قليل تَمطتْ، ثم ماءت مثل قطة، قبل تشعر بالخدر اللذيذ الذي أخذ يداعب جفنيها، لكن عندما تسرب الدفء ليغمر جسدها كله، كانت هي قد نامت. مر الوقت ، وهي مستسلمة لأغفاءة بدت لأول وهلة أبدية، لكنها جَفلتْ فجأة واستيقظتْ مذعورة وهي تشعر كما لو أنها قد نامت دهراً من الزمن، كان عنقها يؤلمها،حركته يميناً ويساراً، أخذتْ تتفحص صالة الأستقبال التي كانت غارقة بالسكون، أدارت عينيها نحو باب غرفة النوم، أدركتْ بحدس الأنثى بأن ثمة خلف الباب يقبع شيئاً ما ! نَهضتْ ومشت بخطوات سريعة،فَتحتْ الباب على مصراعيه، فَغرتْ فمها مندهشة عندما وقع بصرها عليه، كان مستلقياً هناك ومتقرفصاً مثل طفل تماماً. رَمشتْ بعينيها قبل أن يرتسم الغضب في ملامح وجهها، كزّتْ على أسنانها ثم مشت إليه وتوقفت عند رأسه ، تأملته مرة أخرى، كان نائماً مثل ملاك، مدّتْ اصبعها السبّابة لتخز جسده الممدّدْ، لكنها قبل أن تفعل ذلك سمعته يهمس بأسمها، ياه، أنه يناديها بصوتٍ منغّم أشبه بالسحر!توقف اصبعها، هَبطتْ اكتافها فجأة وهي تتنهد، أنه يدعوها بأحب الألقاب إلى نفسها، أنه يحلم إذاً، ولم تدري متى عاد ، ولا كيف نام هكذا، فجأة مات غضبها كله وغمر قلبها فيض من حنان، مسّتْ جبينه بأصابعها، أزاحتْ خصلة الشعر المتدلية ثم انحنتْ وقبلته خطفاً، وقفت برهة تتأمله، ابتسمتْ وهي تهزُّ رأسها، انسحبتْ بهدوء على أطراف اصابعها، ثم أغلقت الباب. لم تمضِ سوى لحظات، أدار عينيه بعد أن فتحهما على وسعهما، حدّق في الباب المغلق، ضحك مع نفسه بصوتٍ خافت، تمتم :
_غبية. هكذا همس لنفسه ثم تمطى ونام بصدقٍ هذه المرة وهو يسترجع ساعاته الماضية التي قضاها بين أحضان الأخرى!!. (تمت)
بقلم /رعد الإمارة /العراق /بغداد
Commentaires
Enregistrer un commentaire