نص رائع من روائع الكاتب أنس الشرايبي / المغرب.
إلى تلك التي لم تعد - الجزء 12 - ...............................................................................
تيارات على كثرة السائرين تحت ألويتها لم يكن أحد ليكشف خبايا تلك اللعبة، ولا ليدرك مدى خبث سياسات آثرت لعبة التفرقة بين كل هؤلاء، وفقط لأن القضية بالنسبة لهم ما كانت في إعداد جيل يدرك أهمية قضايا الوطن، بقدر ما كانت قضيتهم في ترك فصائل اليسار ومختلف التيارات الإسلامية تصارع بعضها، لأجل قضية تاجر بها زعيم مافيا أسلحة في وطن آخر، زعيم ربما لم يكن معنيا بثورة إصلاح تعليم، ولا كان هدفه إصلاح أعطاب منظومة تركت في كل الأزمنة فراغات أنجبت لاحقا جيلا أقل وعيا بالقضايا الحقيقية.
من يومها تعلمت كيف أسرب تلك الخطابات خلسة، أن أواصل الكتابة خارج تلك الجدران التي أقبرت أكثر من موهبة، كان الهاجس يومها في ترك كل خطاب بالأمكنة التي لا تخطر ببال أحد، بلا أسماء، ولا تواقيع، مسكونا بهاجس تغيير مكانها في كل مرة عسى أن تتعثر بها تلك الأنثى التي أخطأت على الأرجح أمكنتها، وفقط لكونها لا تدري تماما أي عابر مجهول ذاك الذي ينثر كل ذلك الرماد.
على مدى سنوات ظلت القضية إياها عصية قصية، تماما كما ذلك الوهم الذي يراهن عليه أحدهم في الزمن الخطأ، سر ربما ما كان مقدرا له أن ينكشف سوى في آخر خطاب، ذاك الذي قدر له ان يقع بين أناملها في الزمن غير المتوقع.
حين نكتب خطاباتنا فنحن حتما نتوقع جوابا بالإيجاب، أو ربما ذاك الذي يوحي بشرارة حب قيد الاشتعال، وأنا الذي أدركت تلك الحقيقة متأخرا، لم أكن انتظر أكثر من لحظة لقاء تصبح فيها الاعترافات أكثر تلقائية من الجمل المشفرة، أو تلك التي ننتقي فيها أجمل ما يمكن أن يقال، لكن برغم ذلك، ظل كل شيء أشبة بلغز عابر، شيء شبيه بقصص من تركوا رسائلهم في شجرة الحب إياها في ألمانيا! وبإمكان الخطاب أن يظل هناك عمرا دون أن تلامسه أيدي الطرف الآخر
بقلمي
أنس الشرايبي
Commentaires
Enregistrer un commentaire