قراءة بحثية من روائع الأديب المبدع حيدر الشماع / العراق

 




قراءة بحثية


قراءة انطولوجيا للاساسيات البدائية لقصيدة النثر..


  (من الصعب تحرير المجانين من سلاسل تقيد عقولهم،يواجهون اعظم مخاوفهم ،عندها يكون هاجسهم هو المسيطر عليهم)


  بطبيعة الحال يحق لكل شاعر أن يكتب نبضه واحاسيسه وفق صوته الخاص ويرسم لوحته ويسم شخوصها كما يرتأي وكما يشاء ،ولكن عليه ان لاينسى ان المصداقية في الشكل والمضمون هي عين ثقة الشاعر بما يروم ان يقول ،أليس اعتباطا ان يسمي شاعرا اعتاد ان يكتب الشعر موزونا وان أختل لديه العرض القاها على شاطئ قصيدة النثر ،لقد وقف بريتون ضد فكرة الاجناس الادبية معتبرا ان الشعر تعبير عن استرداد المخيلة لحقوقها وليس جنسا ادبيا خاضعا لمدارس وقوانين محددة سلفا ،ومن هنا لم يسم كتله النثرية كقصائد نثرية رغم ان النقاد اعتبروها قصائد نثرية بأمتياز ،ان تسمية عمل جوهره يتعارض مع شكله ومضمونه هو محض  اعتباطي ،ان قصيدة النثر قابلة على تولد انفعال خاص بها يختلف عن الانفعال الحسي والعاطفي ولتحقيق هذه عليها ان تتمتع بالفانتازيا وخفة الروح والخيال وحرة في هامش ما،ذات بناء مبني محكم واطار محدود لاتتحمل الاستفاضة في استعمال الادوات الجمالية، حين اطلق الفرنسي فيلون (تليماك) التي اعتبرت باوائل قصائد النثر طفق النثر يسري في عروق اللغة الفرنسية ،وهاهو دار دي لاموت يصرخ (النظم مضايقة ،فلنكتب بالنثر فلنقدم للناس القصيد) ،لكن غوستاف فلوبير كان يحلم بأعطاء النثر ايقاع الشعر شرط ان يبقى نثرا جد النثر ،روسو نيرفال شاتوبريان ،ثوروا النثر شعرا عبر كتابات خالدة يتزاوج فيها التأمل والاساطير والخرافة والموعظة (توليدات لغوية)سباستيان مرسيه،وقاموا بتليين الشعر وتقريبه من النثر.


انا جسدي  وجسدي تعبان  وغير سعيد  انا مهيأ للنوم اسبوعا شهرا لاتكلموني   حين تفتح عيني   سيكون الاطفال قد كبروا وكل الاشياء تعلوها أبتسامة.


قصيدة النثر قصر متاهة يمكن للشاعر ان يهم بالدخول من اي مدخل يشاء من باب الى رواق ،من نافذة كلص متسلل يسرق لحظات متناثرة واشياء مبعثرة ولكن صعوبته كيف يخرج غنيمته،وهو ممسك بادواته يبحث عن خلاص وهذا مسك الدهشه وقمة الانفعال،ان مصطلح قصيدة النثر كان شائعا منذ القرن الثامن عشر واول من اصطلحه واستخدمه وفق سوزان برنار هو الميرت عام 1777 ،اما مونيك فتلاحظ في دراستها حول الايقاع ان هذا المصطلح يعود لشخصية  يدعى غارا في مقال حول (الخرائب )لفونلي 1791 ،على ان بودلير أحدث تغييرا على مصطلح قصيدة النثر واطلقها كجنس ادبي قائم وهكذا خرجت من ناصية النثر الشعري الى جادة دائرة النص (الكتلة المؤطرة).


(قطعة موجزة على نحو كاف منتظمة ومرصوصة مثل قطعة كريستال يتلاعب بها مائة انعكاس مختلف ) ادموند جالو                          

ابداع حر لاضرورة اخرى له سوى امتاع خارج في تصميم ملفق مسبقا في بناء متقلص ايحاءاته بلا نهاية ،ولدت على الورق كتابية لم ترتبط بالموسيقى والغنائية وليست مسرحا ملحميا تعتمد غياب التقطيع والتشطير كعلامة اساسية حيث تكتسب هيئتها وحضورها من بنية الجملة وبنائية الفقرة التي تجعل القارئ مستمرا على القراءة حتى النهاية في بناء منتظم قائم بذاته كمتاهة،بنيان مكون من جدران تتعاقب وتتقاطع في فقرات مكونة تتلاحق بكثافة حادة دافعة القارئ الى ان يستغرق العواطف والنبضات الدقيقة مستضيئا بالجملة اللاحقة للتبصر بالجملة الاولى ،هناك غرض يعتبر مكون اساسي يمكن ان يعطي النثرية حقها عن باقي السرديات  هو (اللاغرضية المجانية) وهو اشبه بالخيط الذي اعطته اريانا الى ثيسوس الذي بقي يتبعه حتى الطريق الذي يخرجه من المتاهة ،كذلك عنصر الايجاز وهو نتيجة تقاطب عنصرين اساسيين يعملان داخل القصيدة كل وفق (الكثافة حد الاحتداد) حيث السرد المتحرك والسرد المنقطع للسلك بين حائط وأخر بين جملة وبعدها ويشدنا بسلسلة من البداية حد النهاية دون تباطؤ او ترهل والاستضيع وسط الانشائية في نص له الف رأس والف ذيل بينما غايتنا كتلة واحدة.


(يتأتى قصرها من نظمها ومن كثافة النوعية ومن حدتها المتزنة)نيتشة


ينطوي بنائها على قوة فوضوية هدامة الى نفي الاشكال المتوقعة تهدف الى بناء كل شعري وتوتر كامن يطيح بأية قوة توازن بين نقيضين بقدر ما يحتضنهما ،تناظرين حضور وغياب بعد تهديمي بصري وبالتالي مفهومي يقوم بنسف الافكار المسبقة والعادات المفهومة لدى القارئ الذي يرى ابياتا وعبارات مقطعة فيجزم حتى يصرخ انها قصيدة.


الاديب حيدر الشماع

21.1.2021العراق والبرد القارص.


مساء الورد والجمال

Commentaires

Articles les plus consultés