قراءة نقدية لنص (هوية حلم ) د.مليكة بوصوف







 أعضاء مجموعة ملتقى رضا علوان فرع فرنسا أسعدتم مساء تقدم  د.مليكة بوصوف إضاءة نقدية  رائعة حول نصي ( هوية حلم )

……………………………………

هوية بلا عنوان.... أفواه تصرخ في الظلام....مدن تنهار بلا أسباب...أناس غادروا الديار....قصدوا أقواما غريبة الأطوار....خيبة أصابت الصغار والكبار...انكسار قلوب ذنبها أنها تطلب السلام والعيش في أمان....

طال البعاد في غربة ملت الانتظار....

تربتك يا وطن الأحرار أصبحت براكين من نار تلتهم كل من قال هذا حرام...

من هناك حيث منفى الأزهار بكت زهرة دموع الحسرة   والدمار، على أرصفة من صقيع الأقدار ،تموت وتحيا بدون أحقاد ، تبني قصورا من الآمال على عتبة الأحلام تحمل هما كما حمل سيزيف صخرة الأحزان في غابر الأزمان ؛ أسطورة خطرت للشاعرة على البال عندما ضاق بها الحال وأصبحت ترى ان تحقيق حلمها كاد أن يصبح محال...تقول الشاعرة:

سيزيف أنا

يجر الحجر

يغشاه الضباب

انتظاري العبثي 

كانتظار عودو

للمحال....

وطن محاصر وهي تصارع أمواج الانهزام، تعيش في بلد الانوار مخدوعة بكذبة تنتحل لها الأعذار، وعندما يستبد بها الظلام ؛ يشتعل حطب القلب وتمثل أمامها الذكرى على نصل من جمر يزيد من عمق الجراح ويؤجج الآلام تقول الشاعرة:

وكل شيء بين أضواء المدن الكبيرة

يغدو كذبة في نيسان

يحترق حطب القلب 

في هسيس الليل

ويبقى رماد الانكسار

ينحب القصب

يبكي الصفصاف

جرحا لا يبرأ

وجعا لا يهدا 

وصدعا لا يرأب....

الشاعرة هنا تعبر عن مشاعر صادقة انبثقت من معاناة ووجع حقيقي سكن عمق كل وطني حر يعز عليه فراق وطنه والاغتراب بين أناس لا يفهمونه ولا يقدرونه

وكما يقال ((من غادر داره  قل مقداره))...فرغم الحضارة والاضواء يبقى الوطن هو الحب هو الأمان هو الحضن الدافئ الذي يؤويك كلما قست عليك الحياة ودمرتك الاحداث...لكن الشاعرة وامثالها يفتقرون لهذا الحضن وتعصف بهم برودة الارصفة في المدن الكبيرة....

انكسار وحرقة وغربة ووجع وصدع يمحو كل هوية بإسمها وعمرها وقدرها الذي خلقت به ومن أجله....

 وهم كالسراب صعب المنال كلما اقتربت منه ابتعد ودخل في حكم العدم... تقول الشاعرة:

أنا...القادم من السراب

بلون وإسم وعمر وبقدر

     كالحلم

هويته السراب

كلمات تعلن عن جرح ما التأم وقلب موجوع وقدر مشؤوم وعمر يضيع بلا وطن ولا انتماء ...هوية تآكلت مع الحلم وإحساس بالقهر والانكسار في غربة تجدرت خارج دائرة الزمان والمكان....

كل  هذا الألم  صاغته الشاعرةبكلمات مشحونة بالمعاني العميقة والدلالات الهادفة بخيالاتها ورمزيتها ....وقد وظفت الاسطورة لتعبر عن ثقل وضراوة الهموم التي تتحملها...وجعلت من الحلم المحور الاساسي الذي يتجوف رحى مقصديتها....

تعابير مجازية كثيرة منها قولها:  

((فوق الارصفة الباردة....اناالمبعثر فوق نصال الالم......انتظاري العبثي))

وكذلك نجد عدة تشبيهات تغني النص مثل:(كانتظار عودو....كبحار مهزوم...كخيبة المخدوع...كالحلم...الخ)

والاستعارات مثل: (ينحب القصب ...يبكي الصفصاف...الى غير ذلك من الاساليب البلاغية التي رافقت النص من بدايته الى نهايته....

ومما يؤكد غربة الشاعرة وبعدها عن وطنها اسم الاشارة (هناك) الذي استهلت به هذا النص والذي يشير الى البعد المكاني الذي يفصلها عن موطنها الاصلي....

بقلمي د. مليكة عبد الرحمن بوصوف

— with ‎زهرةالنرجس ربيعة ازداد‎ and 36 others.

Commentaires

Articles les plus consultés