على جسر نهر بويب / الشاعرة فاطمة محمود سعد الله ..تونس
على جسر نهر بويب
ينطلق فجر القصيدة سيلا من ضياء
يصب شلالا عند قلب مفتوح
نزفت منه الذكريات
و تلاشت الذاكرة...
يمد الرصافي عنقه نحوة نهلة يتيمة
تدلت أعذاقها حبلى
رطبا وأمنيات..
تمرّ "الأرملة المرضعة" مثقلة الخطى
فلا تمر ولا نوى..
وفراخُ اليمام ينتظرون جودو
لعله يأتي...
عشقني النهرَ...
سكنته بيتا..
شربني ماء
فضتُ به بوحا زلالا..
جرى في عروقي فكنت بين ضفتيه
نخلة ...
وكنت في جوفه التمرة الأخيرة المخبأة
زادا لليتامى.
تتفيّأ عيون الكلام
ظل القصيدة
تطول جدائلُ الشوق إلى لبّ ....
لتتكئ على كتف الزمان
وتتطبع على جبين الفراغ قبلة الوداع
على سرير الموت،يهتز الحرف
على وسادة الرحيل،تتوقف الحشرجة
في انتظار لقاء مرتجى
بين الشعر والماء
ليكتب الشعراء معاهدة صلح
بين الغواية والبقاء
لا بقاء أيها النهر إلا لخطى مائك
بين شمس وظل
لا خلود أيها النهر إلا لجسرك الصابر
على دوس الجحافل
و أزيز النحل...
ماذا كان التاريخ يوشوش في أذن لوركا
وهو يناولك القصيدة
أيتها المرأة العابرة للقارات؟
كيف استطعت تحويل الكلام
إلى سمكة مشوية في جوف خبزة طازجة؟
تحتاج الأمهات إلى السحر أحيانا...
رأيتها تلقي القصيدة في فرن التمني
رأيتها تعجن الحروف
ومن أناملها يقطر الصبر المصفى...
أخبرني يا لوركا..في ماية عام من العزلة
كم بطنا جائعا أشبعته نخلة على ضفة نهر؟
من معطف الشتاء..
تتناثر نبوءاتٌ لعينة
تغرق النجوم في نهر الصمت
تخلع الألوان أطيافها
فلا جدائل خضراء للنخيل تصافح الماء
ولا بياض يسكن زبد الكلام
لا زرقة تكحل عيون الموج الدامعة
الكل يتعرى..
الكل يصمت
ماعدا الليل...تتهادى ظلمته ثلاثية الأبعاد بين سطر وسطر...
وأنت يا رهين المحبسين تلتذ بالظلمة
خمسين ظلمة
خمسين كآبة
خمسين حروفا من لهب..
بين دجلة وبويب رحلات سندبادية
شعارها"
"عبرت الشط على مودك خليتك على راسي"
وماذا ..أيها القاسي؟
أخفيت عشبة الحياة في جوف الأفعى.
أهذا جزاء جلجامش
و معاناة الرحلة؟
فاطمة محمود سعدالله/تونس14/6/2021
Commentaires
Enregistrer un commentaire