خوف /الأديبة راضية فعلول ...تونس
خوف:
اندسّ أيمن في فراشه، وهو يشكّ في أنّه سيستطيع النّوم في هاته اللّيلة الشّتويّة الباردة، تمدّد تحت الغطاء الصّوفيّ، وشعور غريب ينتابه، يخيّل له أنّه ليس وحيدا؛ بل هناك ظلال لغرباء يتجوّلون في فناء البيت، وصوت خطواتهم يختلط بصوت جريد النّخلة النّابتة بقلب الدّار العربي تحتكّ بنافذة الغرفة.
الرّيح تعربد، تعوي كالذّئاب الجائعة، وترجّ النّوافذ رجا فتصدر صوتا أجابه قلب الصّبيّ اليافع بدقّات متتاليّة، لكن رغم هذا أغفى وهو يلوم نفسه لأنّه شاهد فيلم رعب تسبّب في توتر أعصابه .
ضوء أرجوانيّ يحرق عينيه فجأة، وصوت مرعب يأمره:
ـــ الزم الصّمت أيّها الآدميّ.
الرّعد يقصف... البرق يمزّق السّحب الدّهماء فيمكّنه من رؤية شبح له جسد إنسان لكنّ رأسه رأس تمساح يعلوها تاج ترسل الأحجار الكريمة التي ترصّعه بريقا يخطف الأبصار.
أراد أيمن أن يصرخ لكنّه شعر بالاختناق...أحسّ بيد غليظة تشدّ على رقبته بقوّة؛ فكّر في أنّ هذا ليس إلّا حلما مريعا.
الخوف يعضّ بطنه، فيرفع يديه في الهواء كالرّوبوط. قطّ ضخم يظهر فجأة، يفتح فمه فتظهر أنيابه كالمناجل، ويتطاير الجمر من عينيه.
يوجّه الشّبح نحوه سلاحا يشبه مسدّسا عملاقا... يطلق عليه زخّات من الأضواء الملوّنة فينقلب خلقه ويتحوّل إلى خفّاش قبيح بجناحين كبيرين، فيتقزّز من منظره المريع. أحدهم يمدّ إليه بندقيّة آلية فيمسك بها، يضغط على الزّناد فيمطر التّمساح بوابل من الرّصاص، يشتدّ وطيس المعركة... التّمساح يقترب منه، القطّ العملاق يمدّ أظافره القبيحة نحوه، يشعر أيمن بقوّة خارقة تدفعه إلى الفضاء حتى يتجاوز مدار الكرة الأرضيّة، تشتدّ قتامة السّواد، يتابع مقاتلة خصومه، كائن فضائيّ متوحّش يحمي ظهره ويساعده، يشتدّ صوت أزيز الرّصاص... يصرخ هو بأعلى صوته سأهزمك... سأهزمك... سأهزمك أيّها اللّعييييييييين... إحساس فظيع بالعطش ينتابه، قطرات من الماء تبلّل وجهه، يد باردة كالثّلج تمسك به فيرتعش، صوت خافت يأتيه من واد سحيق:
ـــ أيمن ... أيمن... ألم أقل لك لا تشاهد أفلام الرّعب؟؟
ـــ أريد شربة ماء ياااا.
{مجموع قصص قصيرة لليافعين}
Commentaires
Enregistrer un commentaire