أعياد للصور ..أعياد للفرح المؤجل /الأديب أنس الشرايبي
أعياد للصور ...أعياد للفرح المؤجل ...................................................................................................
ككل خامس وعشرين من ديسمبر نفتح بواباتنا أمام أحلام ذلك العمر، لفرح عابر أو لحظة تذكرنا بزمن مضى، يوم كنا نراهن على بابانويل الفرح، ذلك الذي كنا نحمله امانة رسائلنا الموسمية، ننتظره بشغف طفل في عمر الزهور، أو بلهفة من ينتظر قادم اعياد تحمل بين طياتها خبر غائب، أو شموعا لا نجلس إلى صمتها وبحواس مبعثرة.
فقبل زمن؛ لم تكن قضية بابانويل سوى جزءا من الموروث العابر في أكثر من ديانة، ولا كان الكثير يراهن على ضيف يخترق المدفأة، بقدر ما كانت أحلام الكثير في أزمنة المجاعات كما الحروب متلخصة في عودة من حملوا على عاتقهم حلم وطن، ليحزم معظمهم حقائب المغادرة صوب وجهة يدري أن احتمال العودة منها أشبه بمقامرة لا مجال فيها لمنطق الأرقام ولا الانتظارات.
حلم كان الكثير يعيش تفاصيله على وقع فراغ مدن بكاملها توجسا من برهة غزو غير متوقعة، لذا؛ ما كان ثمة من امنيات سوى تلك التي تعبر ضوء الشموع أو صوتا واهنا لأجراس المعابد.
انتظرت الإنسانية عمرا قبل ان تكتشف متغيرات الأزمنة، بعد أن اضحت ألوان بابانويل تملأ شوارع مدن بتفاصيلها العابرة، تحمل أماني عمر مضى، أو آخر تظل يومياته قيد المجهول، او رهينة بقارئة كف، زمن تغير فيه منطق الأعياد وأصبحت فيه المعايدة أشبه بروتين لا يتجاوز كلفة صورة تعبر شاشة، وبكلمات يدري متلقيها أنها عبرت حتما أكثر من قارة.
بين الأمس واليوم؛ ها نحن نعايد بابانويل الآخر، ذاك الذي اكتشفنا كونه غادر تلك المدفأة إلى الأبد نترك له قبلاتنا، أحرف الاشتياق، كما أمنيات ندري أن لا حيلة له في السفر بها بين الأزمنة او بين المدن، ذلك أن امنياتنا باتت أكثر من شجرة عيد، أو بضع هدايا لسنة قادمة نأمل فيها نهاية ما لساعات الانتظار، بقدر ما أضحت بحجم الهواجس التي يعيشها معظمنا على مسافة من شعلة حلم قيد الانطفاء، أو شظايا أمنيات لم يزل معظمنا يحتفظ بها مذ كان بعمر الأوهام.
بابانويل الذي لم يدري حتما بلهفة عشنا على وقع دقائقها شجونا تملأ مذكراتنا بكلمات لمن كاتبناهم دون أن ندري لهم من عناوين، بأسئلة لن يملك أمامها من أجوبة ما دام لا يحمل في كيسه ذاك سوى بضع هدايا مغلفة لم تدر تفاصيلها بما خفي من أقدار تضع البشرية في كل مرة أمام كلفة أعياد يفاظل فيها الكثير بين كلفة هدية او كلفة سد الرّمق.
كأحبة او عشاق أيضا ها نحن ننتظر بابانويل الآخر، ننظر إليه من تلك المسافة دون أن ندري بم نقاصصه، نحن الذين نجد انفسنا مجبرين على كتمان أسرارنا العشقية مكتفين ببريق الأشياء، وفي انتظار دفة أوهام لا ندري إن كانت ستفتح أمام أعيننا ذات جادة، أو في رصيف طالما انتظرنا بين تفاصيله عابرا ترك لنا وعداً بالعودة ذات موسم أعياد....
بقلمي
أنس الشرايبي
Commentaires
Enregistrer un commentaire