عيد للحب واعياد للأسئلة/الأديب أنس الشرايبي

 





عيد للحب وأعياد للأسئلة

 ....................................................................................................

عام إذا مضى على رابع عشر من فبراير الذي كان، ذلك الذي غادرنا محملا بأشيائنا، أسئلتنا وذاكرة أغلفة هدايا تركت في كتب ذكرياتنا شيئا من غبار أسئلة، كما ذكرى كلمات تلقيناها على عجل، أو أخرى عبرت حواسنا لحظة توقفنا إلى تلك الحقيقة، حقيقتنا كبشر.

ها نحن ذا بعد زمن وبضع علب من ذكريات؛ نعبر محطة عيد يضعنا أمام روزنامة عمرنا العابر، نتفحص ورق اجنداتنا باحثين عن تاريخ مضى، عن ذكرى قبلة استرقناها من زمننا الذي ما فتئ معظمنا يسارع الخطى للحاق بمقطورة حب، أو من يجلس إلى دفة ذكرى ليشاهد كل ذلك الزخم العابر، ذاك الذي دفع ثمنه شفيع الأحبة ليترك وصاياه على عنق دببة أو حتى علب تباع بثمن ارخص من ذلك الذي اهدره عشاق آخرون، قضوا نحبهم الأخير دون أن يتمكن معظمهم، من الفوز بلحظة حب!

ها نحن إذا كعشاق أو متيمين نجلس إلى كلفة التواريخ العابرة، ننتظر على قارعة الأمنيات، في انتظار تلك الأسهم النارية، تلك الكلمات التي راهن عليها معظمنا لزمن، أو تلك الأمنيات التي كتبها مجهولون على عواميد الإنارة، على الارصفة كما جدران الأبنية، نعيش على اهبة يوم نقاصص فيه انفسنا بعودة غائب، ببرهة عناق نقول في صمتها ما قاله نزار ذات قصيدة حب، نمني انفسنا ببطائق معايدة لا نجلس إلى صمتها، أو هدايا لا تترك في دواخلنا عمر شجن نقضيه على طرف شاشة، لنمرر أناملنا متأملين ما تتجنى به أعياد زمننا الهارب على أكثر العشاق لهفة وحباً.

في عمرنا هذا؛ ها نحن ننظر إلى كلفة واقعنا الآخر، نتأمل صفحة مؤجلة من حلم عايشنا تفاصيله، بكلفة افتراضات تملأ مذكراتنا ببقايا الأسئلة، او أخرى تضعنا أمام ذكرى قاطرة حلم غادرتنا في اللحظة الأقل، ننظر لتلك الاسهم العابرة لاسطورة الكيوبيد آملين أن لا تترك في دواخلنا بقايا جرح فراق، او لحظة يتم كالتي عاشها كثيرنا بمحاذاة سكة قطار، أو أمام ذلك الأزيز المربك للحظة إقلاع أخذ بين ثناياه قصة ما أو وعدا ما دون أن يقرر العودة.

عاما بعد آخر إذا نفتح ورقا لأجندات مغلقة، نسأل أنفسنا مع كل ذكرى سهم من أسهم الأسطورة اليونانية، عن بقايا أحرف رسائل أهدرنا حبرها على مدار المواسم، عن لحظة انطفاء عابرة لحب مر بمحاذاتنا، نسأل كل تلك الاسهم عن جردة أحلام تساقطت في بئر النسيان، أو أخرى عبر ابطالها القارات ليتركوا في أكثر من مكان في عالمنا قصة حب نبتسم لذكراها في صمت، عن تلك الأمنيات التي ذرفها أكثر من عاشق توقف بمحاذاة مرفأ، عن بقايا الاعترافات التي كتب لها أن تجاور صناديق منسية، عن كم الأشياء التي تغيرت بفضل العولمة لتتحول إلى قبلة افتراضية، أو اقتباس ما عاد يسد جوع أكثر من عاشق في مجرتنا الصغيرة.

اسهم ربما لم يكن يدري بطل الاسطورة إياه بتلك الرياح التي تغير جادة هبوطها لتخطيء بدورها تلك المصادفات، كما عناوين عشاق تاهت بهم قضية حب حد الاحتفاظ بوردة،او إعلان هاتف خارج التغطية، او ربما حتى الجلوس إلى شظايا ذاكرة قصة، ستعبر حتما ذات رابع عشر من فبراير لاحق، وبالنغمات نفسها تاركة في مخزون الذكريات، ورقا آخر لزمن يمضي ببضع قصص حب، لا يملك كثيرنا أمام أسئلتها، سوى برهة تأمل شبيهة بتلك التي عاشها أكثر العشاق ذات لحظة حلم!.....

كل عام وكل الأحبة بألف خير!!

Commentaires

Articles les plus consultés