من عمق الكلمة/الشاعر مصطفى سليمان

 





””” من عمق الكلمة “““


.... أيها المارون لحد وجعي 

العابرون جثامين حروفي 

أوصيكم خيرا بالجناة ... (سُذَّج) ... 

ما أتقنوا فن الجريمة ... اعذروا (سذاجتهم) 

خذوا معاولهم ، مجارفهم ، أظافرهم المنكسرة 

و لا تتركوا أثر بشاعة الفضيحة 

كونوا نبلاء لمرة واحدة ، للمرة الوحيدة 

             .... للمرة الأخيرة .... 

نبلا منكم ... احملوا معكم تعبي ، قلقي ، ألقي 

و ما تبقى مني ... أحلامي الكسيرة ...

خذوا ماهيتي معكم ... خذوا ظلالي اليتيمة 

لا تجعلوا أحدا يدوس ما تبقى مني 

فأنا لم أخن حلما ، لم أفتح جرحا ، 

لم أجعل حرفا يبكي ألما وسط كلمة 

... و لا تركت يوما رسالة جريحة 

تنتظر عشاء حضوري مائدة الحقيقة 

             .... مخلفا وعدي ....

و لا تركت وصية مشفرة 

استعصت صائدي كنوز الذاكرة ... 

... أنا هكذا ولدت و كذلك حييت 

لم يتعدى حلمي مسافة المخيلة 

تقاذفتني ضروب الألم ... مسيرة ... مسيرة 

من صلب خديعة إلى مهد خديعة ... 

مروا من حيث راق لكم 

            .... من هنا ، هناك ، هنالك .... 

أو عبر شتات أمنياتي الصغيرة 

فأنا من عاش يتيما صحارٍ لم تعد تتسعني 

... امتنعتْ مضارب العشيرة ... 

احملوا نعشا فارغا و جوبوا المدينة 

أعلنوا ... بالكاد مت و انهوها قضية 

انكروا صنائعي كما لم أكن أبدا حيا 

أشيحوا عني بأعقنعتكم 

انزعوا جواز سفري عن كل جنسية 

و إن اهتديتم ... ترحموا علي كثيرا ... غزيرا 

.... أو كيفما شئتم ... إن شئتم 

من أجل حروف داعبت سهادكم يوما 

            .... رافقتكم و لم تكن أبدا شقية .... 

هدهدت نومكم بكل النثريات المسالمة 

من أجل أمنية ابتدأنا المشي بساطها سويا 

ما زغنا المحجة فيها أبدا و لا السبيل 

من أجل راحة اشتقنا إليها 

و ما أسعفتنا نداءات القريحة ... 

لم أكتب يوما بدمي 

لا و لم أتلفظه حتى ... و لا أنا له أستطيع 

شعار ألسن المتصنعين مختلقي الأكذوبة 

كتبت ... و أكتب بمداد دمع الخديعة 

و كلما تبخر ... لَعقَتِ اليراع من جراحي 

لتكمل معي نهاية ما بدأت 

صمت الحملان الوديعة ... 

... شتات القطيع ... اقتطع من حروفي 

و عساها تبتعد ... أرمي للذئاب الجائعة 

              .... عسى أن يفتر نهمها .... 

أن ترحم شقاء الحرف خضم الكلمة 

أن ترأف لحال التائهين بحثا 

عن ومضة ، همسة ، خاطرة 

... تيه الصحاري الموحشة ... 

أن تعلم فقط كون من يكتب 

لا وقت له تشذيب خصلات السهاد 

يكفي أنه قابع صلب عوالمه الموجعة 

لا ينتظر تشجيعا مجوفا ... بلون الشفقة 

يكفيه معاناة ... يكفيه أنه واقف 

حيث جلس الكل مدرجات الفرجة المثيرة ... 

أنا لا أحاسب و لا أعاتب ... أحدا 

فلم و لن أكون أبدا ... بهكذا ... أنا 

    .... هو سيل الحروف إن وصل الزبى .... 

سنلتقي لا محالة ... سنلتقي جميعا 

و الكل سيقف وجها لوجه حقيقة الكلمة 

لا النقط ستنفع ، لا الفواصل و لا الحركات 

لا التأكيد سيجدي ، لا المرموز و لا الاستعارات 

لا المعلوم سيشفع ، لا المجهول و لا الغيبيات 

... آه من الكلمة ... و منها هي الكلمة 

أي قوة ستقف وجه صراحة الكلمات 

    .... إنها محكمة الفصل العليا 

             .... محكمة الكلمة .... 

يوم تشهد الأقلام ، المحابر ، المخيلات 

أنها بريئة مما كانوا يسطرون 

... مما نظموا و مما هم كانوا ينثرون 

ما ظلمتهم الكلمة ... بل كانوا هم الظالمون ... 

يوم لا ينفع المتشدقين العذر

... لهم ( ...... ) أبد الآبدين ... ( ...... ) العار 

يوم تنطق الكلمة آخر فرصة ... آخر جلسة 

من غرر بكم ، ألم تكونوا تعقلون 

      .... من أين لكم ( ..... ) ... و كيف .... !!! 

تنطق ألسنتهم رغم أنوفهم 

أنهم كانوا يمتهنون ( ..... ) واضحة النهار 

( ...... ) الغير نثرا و ما طاب لهم من أشعار ... 

... يوم ينصف المعذبون صلب الكلمة 

فلا شبه (كلمة) تعلو فخامة الكلمة 

إنها و بكل البساطة 

               .... عدالة محكمة الكلمة .... 


مصطفى سليمان / المغرب.

Commentaires

Articles les plus consultés