نحن ولحظة حلم/الكاتب أنس الشرايبي

 






نحن ولحظة حلم! .......................................................................................................


كنا منذ زمن؛ نغلق صفحة من يومياتنا العابرة، نختار زاوية ما من اريكة، معلقين معاطفنا في مشجب ينتظر قادم ايامنا، او بالأحرى أقدارنا التي لم نمتلك تفاصيلها ونحن نعبر بين أشيائنا الاعتيادية، نبحث عن لحظة لا تطابق زمنا تساقط من عقارب ساعاتنا سهوا، زمن لم نمتلك قط الامساك بلحظاته الهاربة لنعيش لحظة أكثر اختلافا عن سابقاتها، لحظات نبحث فيها عن أنفسنا التائهة، عن روزنامة أحلام تناسينا الوانها لفرط ما مر بنا على مدار فصل بكامله، او حتى مواسم قضيناها خلف دفة انتظار الأحلام.


فبين كلفة مواسم تمضي على عجل باتت البشرية برمتها أمام هاجس المواقيت، تمضي إلى أقدارها دونما التفات إلى شيء من أحلام ذلك العمر، أشياء ربما عايشها بعضنا في الزمن الذي لم نكن ننظر فيه إلى عقارب ساعة، ولا إلى روزنامة يوم، بقدر ما كان كثيرنا يجلس للحظة متأملا صورا لحلمه، ذاك الذي رسمه على دفتر قديم، او ربما كتب تفاصيله ذات قصة في الزمن الذي لم يكن معظمنا أكثر توجسا من هواجس عمر لحظة هاربة، لحظة كالتي امتلك فيها ابطال حكاياتنا الأخرى فرصة القبض على الحلم، أو حتى الاحتفاظ بشيء من صوره.


فبين قدر قصة وأخرى لم يكن كثيرنا يدري بمطبات أحلام ننفق زمنها الآخر في لحظة إنصات لذواتنا، لنزوازعنا الإنسانية، للحظة نراقص فيها انفسنا على نغمة فالس، نعزف لرياح الخريف، لسمفونية المطر، كما لذلك البياض الناصع للثلج، نقطف ورودنا لنتخيل لبرهة كوننا امسكنا بزهرة سحرية شبيهة بما قرأناه في قصص عمر كان، ننظر لتلك المساحات الشاسعة من اوهامنا محتفظين بذاكرة شيء يمنح دواخلنا شيئا من بهجة افتقدناها مذ غزتنا التكنولوجيا لتذيقنا اوهامها العابرة بكبسة زر!


قصص كنا نتأمل تفاصيلها بشغف حلم أكثر اختلافا عن زمننا الحاضر، يوم كان معظمنا يجلس إلى دفتي كتاب، يعيش مع ابطاله عمر تلك الأوهام، كما زخم صور طالما ابتسم أمام أشيائها الخرافية مراهنا على ما تأتي به أقدار حكاية تحتفظ بها الاذهان لعمر.


في الحب أيضا؛ ها نحن نعبر فصوله المتقلبة، نفتش بين صوره الافتراضية بعدما كنا حتى زمن قريب نتأمل صناديقه التي تركت في قلوبنا شيئا من اللهفة، جنون الترقب، كما شعلة وهم لاتنطفيء، حلم كنا نعيش على وقع فصوله العابرة محتفظين بذاكرة ما كستنا به مواسم عمر خلت، نحن الذين بتنا في زمن التهام الوقت ننظر إلى عداد عمرنا ذاك، نفتش بين وهم عابر عن بقايا تلك الصور القصية والتي تملأ شاشاتنا تلك، متناسين عمق أحلامنا، أشيائنا التي عايشنا تقلباتها ونحن ننظر إلى أفق قطار يحمل بين طياته قدر حلم يظل مؤجلا، او عناقا كالذي ينسينا صقيع خيبات مضت، أحلام طالما انتظرناها ونحن نتأمل عداد محطة توقفنا إليها غير ما مرة لنعيش وهم لحظة هاربة!....

Commentaires

Articles les plus consultés