رمضان ..محطة بين محطتين/الكاتب أنس الشرايبي

 





رمضان..... محطة بين محطتين .................................................................................................

بعد عام إذا من رمضان مضى، ها نحن نخلع عباءة مواسم مضت، نبحث في دواليبنا المغلقة عن أشياء أغلقنا على تفاصيلها قبل سنة، نفتش عن ما ضاق بنا من أحلام، من امنيات كتبناها على جدار افتراضي، أو أخرى عايدنا بها عابرا باللغة المقتضبة نفسها، نبحر في ذاكرة بمساحة زي آخر، نبحث عن عطرنا الذي غيرته مواسمنا غير ما مرة، عن شيء من أوهام نفتح جردتها دون أن نملك هامشا زمنيا لنسأل انفسنا عما تغير بدواخلنا، عن انفسنا التائهة، كما نظرتنا لضيف يعبرنا تاركا في صفحاتنا شيئا من أسئلة تعاد كل بداية رمضان. ذلك أننا في كل ما عبرناه من محطات على مطار السنة نتناسى ما كتبناه في كل تذكرة عبور بين شهرين او موسمين، ننسى ان نعايد انفسنا لفوزنا بيوم جديد، ببسمة تفاؤل، كما لحظة تأمل لشساعة عالمنا، دون ان ندري تماما بقيمة كل يوم نختطفه من دوامة الحياة.

زمنا بعد آخر نجد انفسنا ضيوفا على مشارف شهر يذكرنا بشيء من نوازعنا، باضدادنا التي يحدث ان نقبل عليها، نخوض تلك الاعتيادية العابرة ونحن نستهلك كائنات تلفزية او افتراضية، لنعيش برفقتها تناقضاتنا الأخرى، او بالأحرى مرآتنا التي يحدث أن نطيل النظر إليها دون أن ندري بتلك الحقيقة.

ذلك أننا في كل ما نقبل عليه نهرب من انفسنا، من لحظة مكاشفة تعكس شيئا من دواخلنا، من نزعاتنا كبشر تحكمهم الاشياء تماما كما لو يتحكم اصبعنا ذاك في جهاز صغير.

بين رمضان وآخر ها نحن نحصي يومياتنا الأخرى، نكابر امام انفسنا ونحن نتوقف بأكثر من طابور منتظرين دورنا لاقتناء أشيائنا، نبتسم لأكثر من عابر بشغف أقل، وباعين تطارد عقارب ساعاتنا، أو زمننا الهارب، نضبط عدادنا ذاك على مواقيت تختلف نظرتنا لتفاصيلها، نعيش زحام المواقيت، دون أن نلتفت لنوازعنا الانسانية، او لزمن نهدره أمام أشياء تسترق منا لحظة لا تقدر بثمن.

في رمضان أيضا ننسى كوننا نعيش أكثر من دور نمطي دون أن ندري، فمن شهوة اقتناء، إلى دور واعظ، أو ناقد سينمائي، أو حتى شيخ طريقة، او عابر آخر نراه في شوارعنا غير ما مرة وهو على شفا نزعة سلوكية أكثر عنفا، كل ذلك نعيشه بالصور المتتاقضة نفسها والنمط نفسه، متناسين في غمرة كل ما عايشناه اننا فقدنا شيئا منا في لحظة ما، وأن رمضان بالنسبة لكثيرنا لم يكن سوى ضيف عابر لا يغير في روزنامة عمرنا سوى فوضى المواقيت!!!

كل عام ورمضانكم بخير!!!

Commentaires

Articles les plus consultés