جرار أحلام على المقاس/الأديب أنس الشرايبي
جرار أحلام على المقاس! ...................................................................................................
قبل أيام بيعت رواية لكاتب اسكتلندي وثق بين ورقها حكاية تلك الامريكية التي عقدت قرانها على محطة بعد أكثر من ثلاثة عقود من قصة حب، تلك التي حسب رواية ذلك الكاتب عقدت قرانها قبل زمن على صحراء انتظار ذلك الذي قاصصها بتاريخ عودة قبل ان يقلع تاركا اشرعة تلك الغريبة مفتوحة امام قطار يأتي، أو آخر يقلع عكس الاتجاه.
في الحقيقة ما كانت القضية في تلك الرواية التي تصدرت مبيعات الكتب لفترة، ولا في كاتب اختار من موضوع ظل محط سخرية أثاثا لرواية ترصد الجانب الانساني، بقدر ما تظل تلك قضيتنا، أو ربما تختزل اقدارنا كبشر منذ بدء الخليقة.
ذلك أننا على مدى عمر دفعنا كلفة الانتظار بساعات تضاهي سنوات، أو ربما قرونا قضاها احبة او عشاق على طرف أمكنة تختلف بين قصة وأخرى، أو بين زمن وآخر، بدءا بذلك الذي عاش يتم قبلة ليقضي ما بقي من عمره عاقدا قرانه على محطة حافلة مضت بحلمه، أو تلك التي قضت عمرا في تمشيط جدائلها، لتترك تفاصيل حكايتها لشاهد وحيد لم يكن سوى كرسيا هزازا، بيع في مزاد علني تخليدا لقصة وفاء دامت لأكثر من ربع قرن.
قصة اختزلت بعضها الكاتبة البريطانية جين اوستن، والتي قضت ردحا من الزمن في تأمل مصير قصة حب، أبقتها معلقة الى مشجب الأسئلة المحيرة، كما تلك الكلمات التي غيرت قدرها لتصنع منها كاتبة.
بين كلفة الاوهام وقصص كالتي عبرت حواسنا كبشر، ها نحن نجلس إلى يتم الأشياء، ننظر إلى قاطرة تمضي بأوهامنا، بأسئلتنا التي حملنا استفهاماتها ذات حقيبة مغلقة، نصعد سلالم مقطورة عاقدين قراننا على مقعد عابر، ننظر من صمته الى ذاكرتنا الأخرى، إلى أشياء عتقنا تفاصيلها ذات لحظة شغف، او برهة فراق، نكتفي بيتم لحظة يحدث ان تسترق شيئا من ذواتنا، مما كابرنا به ونحن نفترش مقعدا برقم يخطيء قدر قصة، أو آخر يعبرنا كصدفة، دون ان ندري في لحظة انه كان مشروع قصة حب!
بين حلم وآخر؛ ها نحن إذا ننظر إلى بقايا اوهامنا من تلك المسافة، نبحث في سلسلة المصادفات عن أشيائنا التي افتقدناها، عن بوابات بات يعبر معظمنا تفاصيلها دونما التفات إلى قصص كانت، إلى ترف حكاية ربما كانت تدري بها تلك التي اختارت قضاء ما بقي من عمرها مكتفية بصمت أشياء تبادلها شيئا من أضغاث ذلك الحلم.
امرأة ربما كانت تبحث في محطتها تلك عن تفاصيل يحدث ان تخطئها حواس عابرين لم يدر معظمهم بما تختزنه ذاكرة أمكنة ابقت على قصصها في صمت لتظل شاهدا على احلام آخرين يحدث ان يتغاضى كثيرهم عن رقم بوابة عبور، او حتى مواقيت قطارات، لملمت في عرباتها شيئا من اوهام زمن، مضى بكلفة قصصه التي لا تعاد!
Commentaires
Enregistrer un commentaire