خاطبة بعمر قرون/الأديب أنس الشرايبي
خاطبة بعمر قرون!! ....................................................................................................
منذ أيام إذا انتظر العشاق في ألمانيا ذلك الخبر الآخر، ذاك الذي لم يكن ليغير نزعتهم تلك لشيء أخلص له الكثير على مدى سنوات، والذي لم يكن قطعا بحجم خبر توقف غزوة لعينة تركت اعينهم على مدى أشهر متركزة في شاشات تأتي بخبر عن حرب اوكرانيا.
هي إذا قضية خاطبة احتفل الكثير عبر العالم ببلوغها الخمسمائة سنة، والتي لملمت أكثر من عاشق وعاشقة على مدار سنوات، ليصبح ارثها اعرق من اكبر جامعة، تلك التي لم تكن تنطق بالعناوين بقدر ما كان هي عنوان كل من تاهت به القضية العاطفية لتضع بوزر رسائل تائهة في ردهة أرشيف مغبر، أو في صناديق مهملة أثقلتها ذكريات عمر كما صور احتفظ بها الكثير.
مليار واكثر من البشر في عالمنا لملمت تلك الشجرة أسرارهم، برقياتهم، لوعتهم، وكلماتهم التي اختتمها الكثير ببصمة عشق دامت لزمن، شخوص تركوا جادة العناوين المعروفة لتستقر بهم قوارب الحب في مكان لم يكن بحجم برج ايفل الفرنسي، ولا مهرجان العزاب في العاصمة براغ، ذلك ان ثمة اضواءا لا يحدث أن تترك بهجتها في قلوب عشاق عاشوا يتم يومياتهم تلك، محملين باعترافات بعضها يعود لعقد من من الزمن أو أكثر.
قرون إذا مرت على شجرة اعتمدت على بريدها ذاك، محتفظة بأسرار من قاصصوا انفسهم بعمر تلك الأحلام، بلهفة لا تقاس بعداد عقارب ساعة في أعرق الساحات، ولا بمواقيت هواتف طالما أخطأت مواعيد عشاق آخرين ائتمنوا شاشاتها على أسرارهم قبل أن تصبح لاحقا مجرد كلمات مستعارة تستهلكها البشرية كل يوم، تماما كما تعب فنجانا على عجل.
بين عام يمضي وآخر يحل ها هي خاطبة كل تلك الأزمنة تتوقف شاهقة في مكانها ذاك، تنظر لعشاقها بصمت من يحمل وزر أكثر من قضية، بمن فارقوا ذات موسم، أو من تاهت بهم اقدار قصة لتترك اعترافاتهم على حافة رصيف منسي، أو ضاحية اخطأ فيها العشاق مواقيت حب بفارق زمني لا تدري به سوى عقارب ساعاتهم تلك!
شجرة ربما كانت تدري بيتم الأشياء إياها، بقصص من ائتمنوها على بضع خطابات، او توقفوا أمامها لحظة متاملين رقما بريديا طالما أصاب وجهة سهام حب لملم قلوبا من كل مكان بمجرتنا الصغيرة. وتماما كما تلك العاشقة الاوكرانية، والتي اقتصت شيئا من جدائلها لتضعها بمحاذاة شجرة انتظرت منها رسالة رد من حبيبها الذي لم يزل ينتظر على الطرف الآخر من عالم استبدلت فيه الورود بالرصاص!!
Commentaires
Enregistrer un commentaire