وثمة أيضاً..حنين لرائحة الكتب/الأديب أنس الشرايبي
وثمة أيضا..حنين لرائحة الكتب! ....................................................................................................
قبل سنوات أصدرت شركة عطور منتجا برائحة الكتب، ذاك الذي ربما لم يكن ليجد في الكثير من دول عالمنا عشاقا يبحثون بين قواريره الصغيرة عن ذكريات عمر، أو حتى عن تجديد الرغبة في مغامرة، كان كثيرنا يعشق خوض تفاصيلها في رحلة بين دفتي كتاب! ذلك اننا قبل زمن ما كنا ننشد قصصا تأتينا بكبسة زر على جهاز، ولا كنا نبحث عن تفاصيلها في قرص مضغوط بقدر اشتياقنا لصفحات كانت تأسرنا كلما نظرنا الى ورقها متناسين في لحظة كل ما يحيط بنا.
صغارا كنا إذا؛ ونحن نتوقف إلى صفوف تلك البدايات، نحمل متاع عمرنا في حقائب، منتظرين دورنا أمام مكتبي يتفحص لائحتنا تلك، ليضع أمامنا ما قضينا زمنا في انتظاره، لنهب في لحظة إلى صفحات نبحث فيها عن أنفسنا، عن بطل لحكاية تستمر معنا لسنة دراسية، نعيش في أوائلها ذلك الانبهار بشيء يبدو جديدا في تفاصيله تلك، نتأمل بداياتنا الأخرى وندري أن ثمة أوراقا ستطوي أسرارنا الصغيرة، أو بالأحرى رسائلنا التي اودعنا سرها بين دفتي كتاب، في انتظار أقدار قد تضع بها في مرفأ النسيان، أو تسلمها لأشرعة رياح لا ندري بأية جادة قد تلقي بها وفي منعطف لا تدري به صفحات الكتب، ولا ابطالها ممن صادفناهم ونحن نقرأ تفاصيلهم.
لم نسأل وقتها، أو ربما كنا أكثر حنينا لرائحة كانت تأسر حواسنا، تجلسنا إلى أسئلة عمرنا العابر، إلى ذلك الجزء العصي من أحلامنا التي ارتطمت بأكثر من جدار، ذلك أننا كنا نعيد رسم أحلامنا في مساحة ما، دون ان ندري بما تخفيه أشرعة أقدار أخذت بسفن اوهامنا بين اعاصير الأزمنة، لتلقي بنا في عرض محيطات الأسئلة تاركة في اذهاننا بقايا قصة، أو حتى رحلتنا التي كتبنا تفاصيلها ذات دفتر ذكريات ونحن نشد الرحال بين تلك البدايات.
بين ماضي تلك الأوهام وحاضرنا، ها نحن نشاهد ذلك الصف، وفي زمن اكتشفنا تغير علاقتنا بالأشياء كما برائحة الكتب، نحن الذين بتنا نقصد المكان نفسه بسقف أحلام مختلف، وشظايا أحلام احتفظنا بها منذ ذلك الزمن، ففي عمرنا الآخر بتنا نبحث عن أحلامنا الهاربة في رواية، أو كتاب آخر يحمل لنا أسئلة أكبر، استفهامات تكبر معنا كلما عبرنا تلك المسافة القصية، ننظر إلى آخرين ينتظرون أدوارهم، إلى أشيائهم التي باتت بالنسبة لنا ذكرى تعبر نظرنا في كل بدايات موسم، إلى دفة حلم نكتشف في لحظة مدى توقنا لتفاصيله كما عوالمه التي لم تزل تأسرنا كلما فتحنا صفحة من رواية لم تزل تحتفظ بعطر زمن مضى.....
Commentaires
Enregistrer un commentaire