خريف العمر ..وخريف للأحلام المتساقطة/ الأديب أنس الشرايبي
خريف للعمر ....وخريف للأحلام المتساقطة.........................................................................................................
ونحن على بعد أيام من بدايات الخريف، يحدث أن تباغتنا ذكريات عمر مضى، شوارع مررنا بها يوما لنشاهد بأعيننا شيئا من صور الخريف الذي كان، نتأمل صمت أوراق تتدحرج من علو شجرة، أو أخرى تراقص تلك الرياح في انتظار جادة هبوط تعلن بها بدايات موسم انتظرناه كعشاق أو أحبة، أوراق شهدت لحظة من عمرنا، من ورق يومياتنا التي يحدث أن تتساقط أحيانا في لحظة سهو، دون أن ندري بما حملته معها من قصصنا، أوهامنا، وكل ما حدث أن حملناه معنا على مدار مواسم كانت.
ذلك أننا على مدار كل المواسم نندفع كحالمين إلى دواليبنا، نفرغ ما فاضت به فوق سرير لنعيد ترتيب علاقاتنا المتشابكة مع كل فصل، نرتب كنزة تذكرنا بلحظة فراق، أو معطفا احتفظت جيوبه بذاكرة أمس، بعطر من قاسمناهم لحظة من العمر، بذكرى أشياء كابرنا بها في مواسم يحدث ان نجلس في يومياتها إلى طاولة غياب، منتظرين على بعد جادة من حلمنا الآخر، من مشاريع مواسمنا المتقلبة، كما أشياء فاضت بها دفاتر ذكرياتنا حد تساقط بعضها.
صغارا كنا؛ ونحن نشاهد صور الخريف الذي كان، نبتهج ليومياته تلك منتظرين اول قطرة مطر، نشاهد حلمنا ونحن نحشد حقائب حلمنا في كراسات صغيرة، نكتب على أطرافها بلهفة من يتوق لفصل كنا نراه مشاريع بدايات، نمضي بورق أحلامنا وندري ان هنالك حلما ما ينتظر على بعد زمن، أو حتى بضع سنوات، دون أن ندري أن نظرتنا تلك ستتغير مع العمر، وأننا في زمن آخر سنرى الفصول بمنطق يدري به عشاق افنوا عمرا بمحاذاة مواقد اطفأ معظمهم كبريتها برسائلهم، ذكرياتهم، وما كتبه معظمهم في لحظة شجن.
لم نكن ندري نحن أيضا أننا في عمرنا اللاحق سنجلس إلى صمت الأمكنة نفسها، لنرى الأشياء في تضادها ذاك، نحتسب الزمن المتساقط من أحلام سقيناها بمطر شتاءات كانت، أحلام كتبناها على ورق بمساحات شاسعة، تاركين بياضها للافتراضات، لما عايشناه في سنوات عمرنا من تناقضات اختلفت في تفاصيلها عن منطق الفصول.
بعد زمن أيضا؛ ها نحن على طرف دفة الأوهام نفسها، نبحث عن ذواتنا في صفحات لذكريات كانت، عن وردتنا التي ما زلنا ننتظر أن تبوح بعطرها في قادم الفصول، عن قصصنا التي يحدث أن تتغير بين فصل وآخر لنضع بوزر تفاصيلها في مكان ما من دواليبنا، تلك التي احتفظت بالكبرياء نفسه بعطر وردة من فصل توقفنا في صمته إلى جادة انتظار حلم لا زال مؤجلا مذ مضى ذلك الخريف!!
Commentaires
Enregistrer un commentaire