قراءة موجزة في نص "ملاك بملامح مشبوهة " للأديب باسم الفضلي في نص الشاعر مهدي سهم الربيعي
قراءة موجزة في نص " ملاك بملامح مشبوهة" للشاعر العراقي "مهدي
سهم الربيعي"
النص :
(( لَسْتُ سِوَى صَوْتِ بُكَاءٍ يَسْتَغِيثُ فِي الْبَريَّةِ . . لَا أَنْدُبُ حُظُوظَ الجُبناء . . الشَّجَاعَةُ غَرِيزَةٌ . .
تائهةٌ فِي حُلمٍ سَيٍّء . . تُراودني . . تَمْلَأ جمجمتي المتخمةَ بِالنِّسْيَان . . إلَّا شَرْخاً وَاحِداً . . مِنْ خِلَالِهِ أَلِجُ تراكماتٍ طاعنةَ الندوبِ . .
لَا أَجيدُ القَفْزَ عَلَى وَجْهِ رَجُلٍ مَيِّتٍ . . سأرتشفُ كَأْسًا ثقيلةً . .
أَزْيَدُ بِهَا ثَمالتي . . و أُبْحِرُ إلَيّ . . أَنَا الْجَزِيرَةُ الغارقةُ . . أتظاهرُ بِأَنِّي حَزِينٌ وَاسْتَمْتَعُ بِالصَّمْتِ . .
أتجاهلُ وُجُودَ المنفى . .
تِلْكَ النُّقْطَةُ الْعَمْيَاءُ فِي رادارِ الْإِنْسَانِيَّةِ . .
عَاقِلٌ . . ﻻاريدُ أَنْ أَكُونَ شِرِّيرًا تَائهاً مهووساً . .
ﻻ أُرِيدُ إلَّا وِسَادَةً صَغِيرَةً للرقادِ . . نَافِذَةً مِنْهَا أُكَلِّمُ النُّجُومَ . .
وَامْرَأَةً تعْرَف كَيْف تَجْعَلُنِي مَذْهُولاً بِالْوَهْمِ . . لَسْتُ مخبولاً عَلَى الْإِطْلَاقِ . . غَيْرَ أَنَّ الْجَمَالَ أَكْثَرُ صُعُوبَة مِنْ كُلِّ شَيْءٍ .))
القراءة :
لغة ( سرد شعرية) متعالية ، تتكئ تعبيرياً على ركنين : الاول ـ تواصلية دلالات بعض الاشارات ، وهي سمة المحكي بمفردات تقدم المعنى على المبنى ، بقصدية وصول رسائل النص الى المرسل اليه ، بخطاب يتنائى عن تعددية التأويل . كما في : (( لَسْتُ سِوَى صَوْتِ بُكَاءٍ يَسْتَغِيثُ فِي الْبَريَّةِ . . لَا أَنْدُبُ حُظُوظَ الجُبناء . . الشَّجَاعَةُ غَرِيزَةٌ . .
تائهةٌ فِي حُلمٍ سَيٍّء . . تُراودني . . تَمْلَأ جمجمتي )) / (( سأرتشفُ كَأْسًا ثقيلةً . .
أَزْيَدُ بِهَا ثَمالتي . .)) / (( أتظاهرُ بِأَنِّي حَزِينٌ وَاسْتَمْتَعُ بِالصَّمْتِ . .)) / (( عَاقِلٌ . . ﻻاريدُ أَنْ أَكُونَ شِرِّيرًا تَائهاً مهووساً . .
ﻻ أُرِيدُ إلَّا وِسَادَةً صَغِيرَةً للرقادِ )) / (( لَسْتُ مخبولاً عَلَى الْإِطْلَاقِ . . ))
الثاني ـ الايحائية ، وهي سمة شعرية . كما في : (( ملاك بملامحٍ مشبوهة )) / (( تَمْلَأ جمجمتي المتخمةَ بِالنِّسْيَان . . إلَّا شَرْخاً وَاحِداً . . مِنْ خِلَالِهِ أَلِجُ تراكماتٍ طاعنةَ الندوبِ . .)) / (( لَا أَجيدُ القَفْزَ عَلَى وَجْهِ رَجُلٍ مَيِّتٍ )) / (( أُبْحِرُ إلَيّ . . أَنَا الْجَزِيرَةُ الغارقةُ .)) / (( أتجاهلُ وُجُودَ المنفى . .تِلْكَ النُّقْطَةُ الْعَمْيَاءُ فِي رادارِ الْإِنْسَانِيَّةِ . .)) / (( نَافِذَةً مِنْهَا أُكَلِّمُ النُّجُومَ . .)) / (( وَامْرَأَةً تعْرَف كَيْف تَجْعَلُنِي مَذْهُولاً بِالْوَهْمِ ،. . . . ،غَيْرَ أَنَّ الْجَمَالَ أَكْثَرُ صُعُوبَة مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)) .وهذه الايحائية فتحت النص لتأويلات متعددة ، مما يضفي عليه صفة النص ( المتجدد التوليد للمعاني ) ، كما ان هذا التجاور بين الضدَّين في بنية لغة النص تعالق دلالياً مع التجاور الضدي في بنية لغة عتبته العنوانية في : عدم وضوح وصدقية الملامح (( بملامحٍ مشبوهة )) ، فالمشبوهة هي المتهمة بما يشين لكن بلا بيّنة ، وهذا يعني عدم الوضوح في ملامح ادانتها ، وهذه الدلالة متضادة مع (( ملاك )) كاشارة ناصعة الدلالة على النقاء والتجرد عما يعيب ، مما ( شفّر ) دلالة العنوان ، ليحمل القارئ على البحث عن فك دلالته ، وعموم دلالة ماسبق ذكره من تجاور الضدين في بنية متن النص اللغوية ، وكل هذا يجعل القارئ يشارك في ( انتاج) معاني النص الفرعية ومن ثم معناه الكلي .
بذا ابدع الشاعر باختياره هذا الجنس الادبي للتعبير عن فكرته ، بلا تكلف او غلو.
باسم العراقي
📷
إضافة إلى منشورك
Commentaires
Enregistrer un commentaire