نحن وترف الأشياء/الأديب أنس الشرايبي
نحن وترف الأشياء ...................................................................................................
قبل أيام؛ بيع فستان يعود للعصر الفيكتوري في أحدى المزادات بسعر قياسي، ليقع بين يدي ثرية قالت لحظة فوزها بالمزاد أنها تود لو عادت بها الأزمنة إلى سالف عهود تخاط فيها الأثواب باليد دونما حاجة لبذل جهد البحث بين الواجهات.
في الحقيقة لم أجد في مبلغ المزاد المدفوع ما يثيرني، وفي عصر كالذي بات يباغتنا بغرائبه التي لا تنتهي، وبجنون أثرياء تسابقوا فيما بينهم غير ما مرة لإثبات كونهم الأحق بالحصول على أشياء تبدو في أحيان كثيرة أكثر غرابة. بقدر ما وجدت نفسي وقتها أمام سيل من أسئلة ربما يحتفظ بها الكثير كلما وقعت عيناه على واجهة:
أفي عشقنا لشهوة الاقتناء تكمن الحقيقة؟ أم ربما زمننا؟ أم رغبتنا في ان نبدو أكثر أناقة وأكثر ملاءمة لموسم تعبرنا أيامه على عجل؟ ام هي ذواتنا التائهة بين كل ذلك البريق الذي يأخذنا من أنفسنا؟ لم نحتاج لإرباك حواسنا كلما فتحنا دولابا لمجرد البحث عن شيء سنعلقه لاحقا على مشجب؟ وندري تماما أننا في كل ما نهدره من لحظات، يحدث أن نسرق من عمر متعتنا زمنا إضافيا قد نعيش في غمرته سعادتنا وعشقنا لأنفسنا!؟
لم تبدو أشياؤنا البسيطة تلك، أكثر أناقة مما قد نلحظه احيانا في واجهة أرقى جادة في باريس؟ لِم نحتاج لهدر زمن إضافي أمام كل تلك الاثواب؟ بينما نشعر في دواخلنا أننا أقل أناقة مما كناه في عمر الحلم؟
لذا على مدار عمر، لم نزل في كل مواسم السنة نشاهد كل ذلك الزخم العابر لأكثر من واجهة، نفتش بين كل ما تلمحه حواسنا عن شيء نضيفه إلى دواليبنا المغلقة، عن زي نعتقد لبرهة انه يشبهنا، لكن يحدث في لحظة ما أن نكتشف يتمنا أمام تفاصيل استرقتنا من أنفسنا، ألوان خاطبت في دواخلنا فصلا اعتقدنا أنه سيصنع سعادتنا لمجرد الفوز بمعطف أو حتى سترة تذكرنا بما كناه في زمن مضى.
وتماما كما تلك التي اقتنت زيا بسعر خرافي لتعقد قرانها على وهم انتظار بطل شبيه بمن نقرأ عنهم في الروايات، دون أن تدري أنها ما امتلكت سوى أسمال حب سيجلسها إلى دفة تعيد إلى ذاكرتها صقيع مواسم مضت، تفاصيل لم يدر بها أيضا معظم من تسابقوا إلى أشياء افقدتهم لاحقا متعة الاحتفاظ بذكرى يوم أو حتى لحظة من الزمن لآخر رمق في العمر!.....
Commentaires
Enregistrer un commentaire