الخوف والشك مصيبتنا /الأديب أحمد علي صدقي

 الخوف والشك مصيبتنا!!!

لكي نتغير يجب أن نتصالح مع أنفسنا، ومع مجتمعنا، ولكي يمكن هذا، يجب أن ندرك أن الخوف والشك هما من العوائق الخطيرة التي، إن لم نتخلص منهما، لن نستطيع التغيير. فالخوف مرض خطير يصيب الانسان فينكد عليه حياته.. والشك مثله يفقده ثقته في نفسه، فيدفعه الى التدبدب والحيرة والتيه وعدم التصرف فيما يريد القيام به.. حالتان مرضيتان نفقد معهما شجاعتنا وثقتنا ومع فقدانهما يحدث الركود، ومعه عدم التغيير؟ 

لأضرب لك مثلا:

الأسد يضرب به المثل في الشجاعة، ولكنه عندما يكون داخل السرك، يصبح مجرد قط كبير، فما الذي افقده شجاعته و هيبته؟ إنه الخوف والشك. فخوفه مما يسمعه من فرقعات سوط مروده وشكه بأنه لن يستطيع التخلص مما وقع فيه، هما من جعلاه يفقد أسوديته، وجعلاه قابلا لما يأمر به مروده. كأن يدخل هذا الأخير رأسه في فمه و لا يؤديه.. فالأسد هنا تحكم فيه الخوف فلم تعد له ردة الفعل التي كان من المفروض عليه ان يقوم بها. فخوفه من السوط وشكه في قدرته على أنه أقوى من مروده، جعلا المرود يتغلب عليه. هذا المرود، الذي تغلب على خوفه من الأسد، وأزال الشك من دماغه أن الأسد قد يفترسه إن وضع رأسه في فمه. مجرد إزالة الخوف والشك جعلاه متأكدا أنه في سلامة من أنياب هذا الأسد الكاسر.. فإقرار الأسد بالخوف والشك نزعا منه شجاعته.. وتخلص المرود منهما، منحاه ثباته ورباطة جأشه.. 

قد ير الناس أن الأسد لا زال أسدا، من خلال صفته، و زئيره وشكله، لكنه من داخله أصبح، رغم ضخامته، مفرغ من أسوديته، يلاعبه المرود كيف يشاء.. فكذلك الإنسان، إن تشرب بالخوف والشك، قد نراه انسانا بخلقته لكنه مفرغ من مقومات إنسانيته. إذ اصبح مجرد لعبة تتصرف في تسييرها أيادي الآخرين.. الانسان، حين يخضع، خوفا، لألزامات وأوامر، لا تسير وفق مصالحه، قد أصبح مجرد دمية في يد من يلعب به..

كل منا يحسب الآخر أنه إنسانا من شكله، من ضخامته، من زيه، لكن مع الخوف والشك وردة فعله، نرى فيه  شيئا آخر غير إنسان. مع المرض نراه قد فقد إنسانيته فاصبح يتقبل من الأوامر حتى ما يضره.. تجده يتلذذ بوجع غيره.  يفرح بحزن غيره. تجده يكدس الأموال وغيره يموت جوعا..

مجتمعنا القاسي، زرع فينا الخوف والشك، بتربية رودتنا على الركود وعدم ردة الفعل.. فقدنا بها إنسانيتنا فأصبحنا نخاف من كل من رأينا بيده سوطا ظانين أنه سيجلدنا به، حتى ولو كان هذا السوط لغرض آخر غير جلدنا.. بالخوف والشك، فقدنا انسانيتنا. فقدنا حريتنا. تحلينا بصفات العبودية و الخنوع.. تجردنا من صفات ردة الفعل. لم نعد نرفض من الأوامر شيئا.. كلمة "لا" مسحناها خوفا من مفردات قاموسنا.. لكل شيئ أصبح جوابنا: نعم سيدي. أصبح الآخر يأمر ونحن ننفد. اصبح الآخر يدخل رأسه في فمنا ونحن صامتين خوفا من السوط..

إذا أردنا التغيير وجب علينا التغلب على هذا الخوف الذي يسكننا وهذا الشك الذي يغلف افكارنا، و قتل الأسد القط الذي هو بداخلنا! وجب علينا أن نربي أشبالا تقبع بدواخلنا وأن نرعاها من الخوف والشك و لا ندعها، أبدا، تقبل أن يدخل أحد رأسه في فمها من دون ردة فعل...  

أحمد علي صدقي/المغرب



Commentaires

Articles les plus consultés