لحظة انتظار/ الأديب أنس الشرايبي
لحظة انتظار .....................................................................................................
قبل أيام؛ انتشرت عبر وسائط التواصل الاجتماعي صورة لعاشقين اوكرانيين ممن زجت بهم الأقدار صوب محطة قطارات، في انتظار رحلة تأخذهم خارج الحدود هربا من قدر حرب تربصت بقصتهم، كما قصص آخرين فاضت بهم الطرقات كما بوابات الملاجئ.
في الحقيقة لم تكن الصورة وحدها ولا مئات من مقتطفات امتلأت بها الوسائط، بقدر ما كانت تلك اللحظة تعكس تلك الحقيقة الأخرى، والتي عاشت البشرية فجائعها على مدار الأزمنة، بدءا من تلك التي قضت اياما في رثاء برجي التجارة العالمية في اميركا، وانتهاءا بمن عبروا حدود أوطان هربا من ذلك القصف العشوائي للحياة، عابرون يتأبطون ذكرياتهم، أشياءهم، حقائبهم، كما بقايا قصص تعلق بها معظمهم حد رفض التنازل عنها مهما كان ثقلها.
على مدى عمر لم نعد نسأل أنفسنا عن كم تلك الذكريات التي حملناها في حقائبنا، عن مشاريع أوهام، عن ذكريات عناق عايشنا تفاصيلها دون أن ندري بما تخبئه لنا أقدار أخرى تتربص بنا على مسافة من محطات الوداع، أو حتى تلك التي ظلت تفاصيلها شاهدا على جلوسنا وحيدين تحت وطأة صقيع الخذلان، او حتى ذلك التضاد الذي أحاط بقصصنا ليتركنا أمام حيرة تقبل ما كنا نراه مجرد احتمال.
-العابرون في حياتنا لا تذاكر لهم سوى ما احتفظنا به من ذاكرة القبل- تقول كاتبة أمريكية، ذلك أننا في لحظة كتلك، لا نعود معنيين برقم تذكرة، ولا حتى بكلفة ساعات رحلة بقدر ما تظل قلوبنا معلقة إلى مشجب انتظار من قاصصونا بالعودة، من رسموا على جدران قلوبنا بألوان الفرح، من كاتبونا في مواسم شهدت وحدتنا، من جلسوا على طرف ليسردوا على مسامعنا كلمات حب، من خففوا عنا وطأة أيام تمضي ساعاتها هدرا في انتظار هاتف يأتي بصوت يحمل ذبذبات عشقية.
ونحن على أبواب شهر الحب، ما زلنا ننتظر قادم أيام لا تجلسنا إلى قاطرات فارغة، او محطات تأخذنا لأبعد من اوهامنا، نفتح صفحة افتراضية تحمل صور غائب، أو آخر أبعدته محطات الحياة، ننشد أنفسنا في تلك المساحة التي خصصناها للحلم، لنصف قصة كتبناها في انتظار ذلك الذي سيقاصصنا بتلك التتمة الأخرى، او بالأحرى نهايات لا تذيقنا وجع انتظار يبقينا أمام يتم الأسئلة.
أيام لا زلنا كعشاق وأحبة ننظر الى صفحات أجنداتها الفارغة، نرسم على بياض صفحاتها بتلك القلوب، بالكلمات التي اختزلتها ذاكرتنا تلك، بألوان مواسم يحدث أن نعيش يومياتها على أهبة انتظار لا يطابق ذاك الذي عاشه آخرون، وفي زمن كالذي سرقت فيه أحلام آخرين لا ذنب لهم في نزاعات سرقت من البشرية أجمل أيام العمر.
وكذلك العاشق الروسي الذي لم يزل يكتب اسم حبيبته على ظهر مدرعة، في انتظار زمن يعود فيه إلى تلك التي لم تزل تعقد قرانها ربما على كل ذلك الانتظار!!....
Commentaires
Enregistrer un commentaire