دور الثقافة في الأسرة والمجتمع/ الأديب أحمد علي صدقي

 دور الثقافة في الأسرة والمجتمع.

أولا ما هي الثقافة؟

الثقافة بمعناها الواسع، هي مجموعة السمات المميزة ، الروحية، والمادية والفكرية  والعاطفية، التي تميز المجتمع أو المجموعة الإجتماعية. وبتعريف وجيز: الثقافة هي مجموعة المعرفة التعددية المكتسبة بمرور الوقت.. 

طبقا لضرورة حضارية و مدنية فالإنسان لم يعد اليوم في غنى عن الآخر كما كان من قبل، إذ تغيرت قواعد الحياة فلم تعد تسمح بالعيش في الإنزواء والوحدة.. هذه المدنية فرضت علينا، لكي نعيش في سلم، التعامل مع الآخر والاندماج والتعاون معه دون اصطدامات أو عنف، متحكمين في انفعالاتنا معه واتجاهه.. وكيف لهذا أن يكون و أن ندركه بالقليل الذي حصلنا عليه في المدارس لكسب لقمة العيش؟ ما قرأناه فهو ليس للتثقيف وإنما هو مجرد سبب للاندماج في المدنية واما أن نكون مثقفين، فهذا يتطلب منا زيادة في الفهم وعيا بأنفسنا ثم وعيا بالآخر. وهذا لن يتأتى لنا إلا بمعرفة الآخر الذي لن نكتشف أسراره إلا بالاطلاع على سيرته، والأخذ من أفكاره، ومعرفة ذكاءه، يعني امتلاک ثقافته. وهذا لن ندركه إن نحن اقتصرنا فقط على ما تعلمناه في المدرسة. فالعامل الناجع الذي يمكنه أن يسهل علينا تقبل الآخر والتعايش معه واحترامه والعيش في سلم معه، هو التثقيف و قراءة سيكولجية المجتمع و كتب تكوين الذات وهذه هي الثقافة. هذا هو العامل الذي به نتعرف على  مكونات المجتمعات فنمنح لانفسنا القدرة على مسايرة افرادها وكبح غيضهم وعداوتهم إن هن انزعجوا منا...

 معرفة الآخر وكيفية تصرفه تسهل علينا العيش في سلم معه.. وليس هذا فقط ما نجنيه من معرفة ثقافة الآخر، فهذا ينمي ثقافتنا ويزيد من معرفتنا لأنفسنا، فنتقدم جميعا، نحن والآخر، فتتقدم الأسر وبتقدمها تتقدم الأمم.. بمعرفة ثقافة الآخر  تقدمت مجتمعات وأمم، وبغيره ركدت وهمدت أخرى في مستوى لم تستطع أن تتخطاه.

الثقافة من سيمة الانسان إلا من أبى. فالكل اليوم يستطيع القراءة، والكل لديه القدرة لامتلاك احسن الكتب وبأبخس ثمن. فالانترنت متاح للجميع وبه من الكتب ما يعد ولا يحصى. لكن هناك فجوة يجب أن نسدها وهي أن نفهم ولا ننسى، أن الثقافة ليست هي قراءة كثرة الكتب، ولكن الثقافة هي ما نستفيده من قراءة هذه الكتب ونعمل به. الثقافة هي ما كوناه من أفكار ثم فعَّلْناه في حياتنا اليومية. 

فالنختر إذن للقراءة، الجيد من الكتب لنكتسب الجيدة من الأفكار ثم نفعلها. فالصائغ يختار من أنواع الأحجار الكريمة ما به يتغيا صنع عقدا ثمينا ليزين به جيد أميرة.. 

طبقا لاكتساب هذه التوابت الثقافية واعمدتها، تبنى العلاقات بين الناس فيسهل التواصل وتعرف المبادئ. فلن تقم أسرة وتمتد جذور بقائها إلا على الثقافة. بها تزرع الأخلاق وبها تنموا و بها تأخذ القرارات الصائبة وبدونها تحبط المساعي.. أسرة بها زوج  مثقف، ستسقى بوعي أبوي قويم يوفر الجو الصالح لنمو الابناء، وأسرة بها زوجة مثقفة، ستحتظن أبناءها بأجنحة العطف والحنان، و تجنبهم الإنحراف. وبالوعي الثقافي تزول العثرات عن طريق النجاح و تسد تغرات جراح الفقر وتكبر العائلات وبها الأمم. بأسر مثقفة تقف المجتمعات شامخة كشجرة لن تكسر عروشها أي ريح مهما عتت.

نستخلص إذن من كل هذا أن أهم عوامل تقدم البشرية هي الثقافة. هي من يصقل المواهب و يوجه أفكار الناس ويدفعهم نحو الإبداع.

وأخيرا وليس أخرا، أقول للكل، زمن الخرافات قد انتهى وفات و هذا زمن العلم والثقافة. فمن تقدموا لهم نفس الرصيد من الوقت الذي لدينا وهو 24 ساعة، هم يتعبون في استثمروه في العلم ونحن نتعب في تبذيره في المقاهي والكلام الفارغ. لنتعلم كيف نستثمر وقتنا وكيف نكوِّن انفسنا وكيف نعيش كإنسان في القرن الواحد والعشرين...

أقول لمن يريد سماعي، إن كان هناك كثير من الفضاءات الجميلة بهذا العالم، فهناك أفضلهم و هو فضاء المكتبات والجلوس فيها لمحاورة أصدق صديق الذي هو الكتاب...

اقرأ أخي لتحيا لأنك بلا كتاب تقرأه، فأنت ميت. فبالقراءة تكون الأسر وبالثقافة تتقدم الأمم...

أحمد علي صدقي/المغرب



Commentaires

Articles les plus consultés