قصة قصيرة (اغتيال مؤلف) الأديب أحمد علي صدقي
قصة قصيرة بعنوان:
اغتيال مؤلف!!!
كتب قلم نصا عميق الدلالات، شيق القراءة. يدفن في أحشائه حقيقة لا يحب بعضهم أن تعرى بل تبقى مخبأة وراء ستارات الظلم و الاستبداد.. قلم وُصِفَ بالمتمرد لما اعتقد أن ما يحاك في زمانه غير ملائم لما يجب أن يكون، خصوصا في هذا القرن الذي يتشدق بحرية الرأي وبتقدم الإنسان والسهر على حقوقه ..
عند الكتابة، تطاولت يد قارئ ضمني، مدعم بمراقبة ذاتية، على أفكار القلم، لتمنعه عن النطق بما يخالج دواخله، خصوصا وأنه قد أقحم مفردات غير مجازية تكشف علانية ما يريد قوله، أفكار تخيب، لا محالة، أفق انتظار قرائها.. تشوشت أفكاره.. شعر بضيق.. فضل تجنب ما قد يسيئ لنشر النص. غيَّر ما يمكن تغييره ثم أطلق نصه يصول ويجول على شبكة الانترنت. هدفه ابلاغ رسالته لكل القراء. رسالة تحمل حقائق تدين لصا تطاول على براءة خزينة اغتصبها ممزقا بكارتها..
تقاسم ذباب "التيك-توك" هذا الحدث. فكان منهم المؤيد، وكان منهم المندد، و كان منهم غير ذلك.. طال الخبر هيأة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ألقت القبض على النص (ليس على اللص). أخذوا القضية على محمل الجد، بعد أن أصبحت شبه عالمية.. استنطقوا النص( وليس اللص) ليكشف لهم عن مقصدية كاتبه، لكنه أبى، وعليهم استصعب.. احضروا المعاجم والمناهل.. فككوا بشراسة تراكيب حروف النص.. شتتوا، يمنة ويسرة، كلماته.. استجوبوا استعاراته.. بحثوا عميقا في معنى مفرداته.. لكن ما باح لهم بسره. زادوا من تعذيبه.. خلعوا عنه لباس مجازاته و ألبسوه لباس تأويلاتهم.. استمر في تعنته وصمته، رغم كل ضغوتاتهم.. بعد تعب بلا جدوى، قال لهم كبيرهم:
بما أن هذا النص "راسو قاسح" وما أخذنا منه "لا حق ولا باطل" فعلينا بمن أملاه عليه. فقصدية الرسالة له ارتباط وثيق بالمؤلف..
بحثوا عنه لكشف هذه الحقيقة المطموسة، في هذه الرسالة المفخخة، بين سطور هذه الورقة البيضاء، التي وسخ وجهها مداد أحمر من غير موافقتها. ما طال البحث إلا سويعات، حتى وجدوا الكاتب مشنوقا وقد علق بعرش شجرة بلوط تحتها قردة تتعارك بلا شفقة على بلوطها...
أحمد علي صدقي/ المغرب
Commentaires
Enregistrer un commentaire