حدث ذات أمد / الأديبة جميلة مزرعاني
حَدَثَ ذات أمد
سلوا أبصارنا وبصائرنا كيف تمدّدت كحيّة رقطاء تتطاول تشرئبّ تكسر عنق غرورنا تدكّ عرش أحلامنا تمحو عَدْوَ مرحنا تسترخي في عقر الضّلوع تأزّها أزًّا لا تُبقي ولا تذر غير ضباب كثيف حطام مركوم يبتلع صهلات الفرح مشهد يدمي القلوب ترثيه العبرات والمهج، هأنذا على تخوم الهلع لم تستفق خلجاتي بعد من هول المصاب ترتوي زفراتي نشيج عزاء يشدّ عضد الآهة مثخنة جراحاتي تكوي وجع هجائي أنفق حروفي تعجن خبز الرّثاء فيفور المداد رغوًا أسود تترنّح محبرتي فوق السّطور تتعالى القصائد قبورًا يرقد الموت في عرين الهجاء على وقع مطر دمع غزير يغسل وحل النحيب ، آه لو يصمت بركان الهزيع قليلًا لتبتلّ أضلع السّكون تستوعب المصاب الأليم فيستجدي اليراع بعض أقباس سقطت سهوًا من كوى الرّكام تقتنص عدسته وقع الكارثة تطلّ بخمارها الأسود من على صهوة الرّيح بأنيابها الحادّة تمزّق أوكار العصافير المدلّلة في أحضان أمّاتها فراخٍ تنعم بالأمان لم يبق غير أفواه فاغرة متجمّدة كصواعد وهوابط مغارة مهجورة أبطلها النّسيان وأشباه دمًى مهشّمة فقدت زهو سلواها ناهيك كراريس أجهضت ألف بائها ومواكب تتجمهر عند حواشي السّطور حيث لا مكان للبلاغة في مأتم مهيب كيف ؟ والقوافي تتعفّر بأغبرة الموت الزّؤام على وقع أبواق المجاز تنتحب الكلمات وقامات تلتحف الأركمة دكّ حصون أمانها قدر محتوم ، واقعة تساوى فيها الفرح والحزن تعانقا عند حدود عبرات ٍ حلوة ومرّة سالت للقاء من نجا أم لوداع من قضى أفئدة تختلج وأنامل ترتجّ ونزيف مدادي يؤرّخ الحدث : حدث ذات أمد
فمن ينسى ؟ .
جميلة مزرعاني
لبنان / الجنوب
Commentaires
Enregistrer un commentaire