بستان الحب / الشاعر سمير الزيات
بستان الحب
ـــــــــــــــــ
أَقْبَلَ الْحُبُّ سَعِيدًا يَتَغَنَّى
هَائِمًـا مِنْ سِحْرِهِ فِي كُلِّ مَعْنَى
ظَلَّ يَشْدُو بِالْهَوَى حَتَّى وَجَدْنَا
بين قَلْبَيْنَا الْهَوَى قَدْ صَارَ لَحْنَـا
طَـارَ يَشْدُو فَوْقَ أَغْصَانِ الْمُنَى
فَانْطَلَقْنَا وَالْهَوَى يَنْسَـابُ مِنَّـا
وَمَشَيْنَـا خَلْفَـهُ أَنَّى مَضَى
يَعْزِفُ الَّلحْنَ ، وَصِرْنَا نَتَمَنَّى
***
فَإذَا بِالْحُبِّ فِي بُسْتَـانِهِ
قَدْ طَوَانَـا فِي جـَوَى أَشْجَانِهِ
يَغْرِسُ الأحْلاَمَ فِينَـا وَالْهَوَى
مِنْ جَمَالٍ ذَابَ فِي أَلْحَانِهِ
ظَلَّلَتْنَـا آَيَـــةٌ مِنْ فَنِّـــهِ
وَرَبِيـعٌ دّبَّ فِي فَيْنَانِهِ
فَحلُمْنَـا ، وَعَشِقْنَـا حُلْمَنَـا
وَاحْتَوَانَـا الْحُبُّ فِي وُجْدَانِهِ
***
وَجَلَسْنَـا نَسْتَقِي وَالْحُبُّ خَمْرَا
فَسَكِرْنَـا غَيْرَ سُكْرِ الْحُبِّ سُكْرا
ورقصْنـا بين أحضـانِ المُنى
والهَوى فينا مضى يختالُ سِحرا
وَانْزَوَيْنَـا بَيْنَ أَزْهَــارٍ تَفُـوحُ
مع الأحـلام آمـالا وَعِطْرَا
وَتَمَادى الْحُبُّ يَشـْدُو بَيْنَنَـا
بِالأَمَانِي وَالْهَوَى نَثْرًا وَشِعْرَا
***
أَخْبِرِينِي ! ، لَسْتُ أَدْرِي مَا نُلاَقِي
مِنْ شَقَاءٍ ، وَعَنَاءٍ ، وَانْشِقَاقِ
قَدْ أَتَيْنَـا الْحُبَّ فِي بُسْتَانِهِ
نَتَمَنَّى ، وحَلُمْنَـا بِالْوِفَـاقْ
وَظِـلاَلٍ مِنْ نَعِيـمٍ وَارِفٍ
وَغـَرَامٍ ، وَأَنَـاشِيد رِقَـاقْ
فَرَأَيْنَـا الْحُبَّ يُلْقِينَـا مَعًـا
فِي جَحِيمٍ مِنْ قُنُوطٍ وَوَثَاقْ
***
هَكَذَا مَحْبُوبَتِي جِئْنَـا هُنَـا
نَنْشُدُ النَّشْوَى ، وَأَسْرَارَ الْمُنَى
أَيْنَمَـا سِـرْنَا فَإِنَّـا لا نَرَى
غَيْرَ أَشْــوَاكٍ وَنَـارٍ حَوْلَنَـا
وَإِذَا خِفْنَـا وَعـُدْنَـا لَمْ نَجـِدْ
غَيْرَ آَثَـارٍ لأَقْـدَامٍ لَنَـا
وَبَقَايَـا مِنْ رُفَـاتٍ سَـاهـِمٍ
لأُلُوفٍ قَـدْ تَنَاجَـواْ قَبْلَنَـا
***
وَانْمَحَتْ آَثَارُهُمْ فَوْقَ الطَّرِيقْ
لَمْ يَعُدْ مِنْهَا سِوَى وَهْمٍ غَرِيقْ
وَدُخـَانٍ حـَوْلَ أشْـلاءِ الْمُنَى
وَرَمَـادٍ ، وَسَـوَادٍ ، وَحـَرِيقْ
قَدْ أَتَواْ للحُبِّ فِي بُسْتَانِهِ
وَكَأَنَّ الْحُبَّ خِلٌّ أوْ صـَدِيقْ
فَإِذَا بِالْحُبِّ يَطْوِيهـِمْ بـِهِ
فَانْتَهَـواْ فِي بَطْـنِ بُسْتَـانٍ عَتِيـقْ
***
هَلْ حَسِبْنَـا أَنَّنَـا نَجـِد الْخُلُـودْ ؟
بَيْنَ أَوْهَـامٍ ، وَأَشْبَـاحٍ تَمِيـدْ
أَمْ تُرَانَـا قـَدْ نَسِينَــا أَنَّهُ
مِنْ دِمَـاءِ النَّاسِ قـَدْ تَنْمُـو الْوُرُود
فَاسْتَبَحْنَـا سُكْرَنَـا مِنْ خَمْرِهَـا
فَثَمِلْنَـا ، وَتَغَشَّـانَـا الجُمُـودْ
وَاسْتَكَنَّـا لِلْهَـوَى يَلْهُــو بِنَـا
كَيْفَمََـا يهْـوى ، وَتُدْمِينَـا الْقُيُـودْ
***
أَسْرِعِي– مَحْبُوبَتِي– نَمْضِي وَهَيَّا
قَبْلَ أَنْ نُطْوَى مَعَ الْقَلْبَيْنِ طَيَّا
نَتْرُك البستان في غسق الدجى
ذاخِـرًا بالمَـوتِ جبَّـارًا عتيَّـا
اسرعي فالحب لا يُخْفي لنَـا
في غـدٍ إلاّ الشَّقَـاء الأَبَدِيَـا
أَمْ تُرَانَـا قَـدْ عَرَفْنَـا حَظٌَـنَـا
فَارْتَضْيْنَـا الحُـبَّ يُفْنِينَـا سَوِيَّـا
***
الشاعر سمير الزيات
Commentaires
Enregistrer un commentaire