لو عمر أنفاس آخر يكفي لأجل قبلة / الأديب أنس الشرايبي
لو عمر أنفاس آخر يكفي لأجل قبلة ! ......................................................................................................
قبل فترة خلدت إحدى البلدات الصغيرة في النمسا اليوم العالمي للقبل، وفي مشهد اجتمع فيه العشرات من العشاق، احتفالا بيوم عالمي آخر طالما ترك في ذاكرة عشاقه فتاتا من ذكريات حب، أو ربما مشاريع قصص تنضاف إلى ما يحمله احبة العمر في مذكراتهم من غبار عشق ينثره بعضهم على شكل ورود، او حتى أحرف تكتب تفاصيل اول قبلة أو حتى ذكرى عشق اشعل بدواخلهم ذلك الحنين لأيام خلت.
الصور تناقلتها اكثر من وكالة انباء وإن بذلك الاقتضاب، ذلك أننا في زمن عولمة الخبر ما عدنا نتوقع جنون قصص تصلنا من ابعد قارة، بقدر ما بات معظمنا يتوقع العناوين نفسها، وفي زمن باتت فيه الغلبة لتجار الحروب لا لمن منحوا الانسانية ذلك الامل في ان ثمة غدا سيحمل ما هو أجمل!
على مدار عمر ما زلنا نسأل انفسنا عن ما اختزنته حواسنا من مشاريع تلك القبل، إذ كنا على مدار عمر نشاهد عبر شاشاتنا تلك القبل المحمومة، والتي اعطيت بالوكالة في سيناريوهات توقفنا امامها بالاندهاش نفسه معتقدين وهما أن ما يحدث سيفضي حتما إلى ما توقعناه ونحن نتامل تفاصيل ابطال الروايات ممن عايشنا معهم ذكرى اول قبلة دون ان نملك ترف توقع النهايات، ذلك اننا يوم شاهدنا قبلة -كلارك جيبل و وفيفيان لي - لم نكن نتوقع ان تلك ستكون اجمل ما أهدتنا اياه سينما الزمن الجميل، ولا كنا نعتقد ان ثمة زمنا سياتي ليجد قبلا أخرى تعطى بالوكالة في أكثر من سيناريو دون ان يلتفت لها أحد!
فعلى ايامنا باتت العناوين نفسها تعاد حتى في قارات لا تحاسب ابناءها على تبادل القبل في اعرق جادة، او حتى قرب اشهر المعالم التاريخية، إذ لا أحد.كان يتوقع تحرش أخريات في زمن البؤس بتمثال رجل حد تقبيله، وفي ازمنة كالتي حكمت على عشاقها بفراق تحكمه أقدار الجغرافيا، كما نوازع أخرى تركت العشاق أمام صمت النظرة الى ذاكرة اول لقاء او قبلة.
لا اكثر رعبا من ان نعيش تفاصيل قبلة ندري انها الأخيرة - تقول الكاتبة الروائية ديانا تشافيانو - إذ بين الذي يحبس انفاسه في عمر انتظار مشاريع قبل مؤجلة، وبين الذي يعيش على اهبة حب محملا بتناقض تلك الاحاسيس تظل المسافة نفسها والأسئلة نفسها تعاد، وبالعبارات نفسها لكأن ما حدث مع ملايين العشاق حول العالم لم يكن سوى مشهدا عابرا شبيها بذلك الذي يعبر مشهدا في فلم رومانسي.
في زمن بؤس الأحاسيس ما زلنا نعبر يومنا العالمي الآخر للقبل محتفظين بذكرى خيبة، او مشاريع نسيان، نمني انفسنا بلحظة تنصهر فيها الحواس معلنة انتهاء زمن انتظار عناق، أو حتى عطرا اشتقناه لفرط ما مر بنا، او ما تسببت فيه اقدارنا الأخرى.
اما الحكاية الاطرف فتظل حتما في نظرتنا لجنون قبلات أخرى كان من ضمنها فوز زوجين من تايلاند بجائزة اطول قبلة، والتي استمرت لاكثر من سبع وخمسين ساعة احتبست فيها انفاس اثنين امام انظار اكثر من مائة مشاهد.
خبر ربما كان ينزل كقطرة ثلج على عشاق آخرين ممن اهدر بعضهم عمرا في انتظار قبلة تظل جزءا من الممنوع، وفي عمر كالذي تسرق فيه القبل من شفاه العشاق وفي بلدان أخرى كتب شعراؤها عن عمر القبل باقلام تتجاوز في عددها ما استرقه عشاق آخرون من قبلات دون يكترث معظمهم للوقت الهارب بالانسانية!!....
Commentaires
Enregistrer un commentaire