أوفد الحروف في محراب التيه/ الشاعر إدريس سراح




 أوقد الحروف في محراب التيه


العابرون في الأحلام .

الهاربون من جحيم الحروب ,

إلى جحيم الغربة .

أيها الحزن الساكن ,

في عيون الغرباء .

ارحل قليلا.

علني أنظر ,

 إلى الوجوه الشاحبة .

دون أن يرف لي جفن .

أو تتخذر أوصالي .

أو أسقط صريعا .

أيها الحزن .

ابتعد قليلا .

لأخاطب كل الغرباء ,

النازحين

إلى الحلم .

ضاعت الأرض .

و تهتك الإنتماء .

و بعدت المسافات .

أيها الغرباء .

إننا لا نجيدغير الحزن 

و الجرح يكبر .

أيها الحزن .

مزقت حجبي .

و استبحت وقاري .

و جعلت الجراح .

تنتعش 

في صدر الغرباء .

أنا الغريب .

كلكم نار .

و كل نار .

تحرق أوصال الحنين .

الساكن في الأحلام .

أيها المشردون في بلاد بعيدة .

هل يتسع الصدر

لطعنات أخرى ؟

كم هي 

مقاعد الحدائق باردة

هناك .

كم هي السماء الزرقاء بعيدة .

حين تسطع الشمس 

 على الضفة الأخرى .

سرقوا منا الأحلام الغضة .

سرقوا النور .

جثت لاجئة .

وبقايا رفات

 تدون الحنين .

تسحب أشلاءها ,

لأقرب خمارة .

أو لحضن بارد .

كي تدون جراحها الأكيدة .

و تحصي خسائرها الفادحة .

و غدا يوم جديد .

و هزيمة أخرى تطل ’

من كوة العمر النافق .

أيها الغرباء ,

 ترجلوا 

من على صهوة الخيبات .

و تعالوا نضرم ,

نار الأنين

في أحلامنا .

عسانا ندفئ 

ما تبقى من كبرياء .

عسانا نشعل ’

 شموع العيون الحزية .

أيها الحزن .

لن تنال شرف هزيمتي .

و أنا أشد من غضب .

و أحر من جمر,

لا ينتهي .

فانتظر خلف باب القلب ,

قليلا .

سأتلو بعضا مني .

و أشرد في حلمي كثيرا .

بعدها .

لنرحل سويا .

إلى العدم ,

إن شئت .

ما عاد يهمني شيء .

أنا صنو الضياع .

خبرت كل الخراب .

و لا أكل من الحلم .

و لا أمل من جسدي الجريح .

أنتصر للصور .

و أوقد الحروف ,

 في محراب التيه   ..........


إدريس سراج

فاس  /  المغرب

Commentaires

Articles les plus consultés