الخوف/ الأديب محمد عطاف
الخوف..
كِيدي لي شعرا. لا أريدك بتاتا قصيدة عاقلة، بل عاطفية كلها بلا زيادة أو نقصان، تترقرق كماء عذب زلال يغشى ذوق العاشق الولهان. احمليني بعيدا عن الأفكار التي تحترق من فرط النيران، واصنعي لي فرص البوح في محرابك، وفرص الجنون الذي يحتفل بجذوة القلب،، قلبي أنا.. رجاء، متأكد أنا من أنك بارعة في الذكاء والنباهة.. والدهاء..
أعترف. أخاف منكِ. ضاعفتِ خوفي ذاك حتى لم أعد أستحمل ثقله وهوسه. الخوف هو توقع حدوث سوءٍ ما.. لكن في كثير من الأحيان لو عدتُ خطوات إلى الوراء تبيّن لي أني كنتُ مبالغا في تقدير الأشياء، وأنه لم يكن هناك أبسط داعي لذلك الخوف،، أو التخوف..
قررتُ أن أهرب منكِ، من ذكرياتك، من أطيافك القديمة التي تعيش في صلب مشاعري، ومن الحاضر الذي يشتعل في يُبسي بشكل مهول للغاية.. لكن إلى أين أهرب..؟ وممّ أهرب..؟ وكيف أهرب..؟ تبدو كل الإتجاهات مسدودة في وجهي أنا الذي أريد أن أهرب بأحلامي.. الكثيرون يعتقدون أن الهروب جبن أو مذلة أو هزيمة، لكن الهروب كذلك مقبول كتدبير للشؤون الحاسمة، حين تختبل معانيه في الأعماق..
إن البقاء في قبضة المعاناة والحسرات هو الهزيمة التي نودّ الهروب منها، والإحتفاظ بالعسف الذي يُمارس على الذات هو المذلة بعينها، وترك الجروح مفتوحة على التفاقم ليس في الصالح،، فقط ذلك فيه مجلبة للآلام والفواجع..
وطبعا الخوف لا يكون من شيء جميل سيقع، ننتظره، إنما من شيء سيئ آتٍ بلا ريب إلا أن نتداركه،، أو نؤمن به مصيرا عسيرا..
لا نستطيع تصور حياة الإنسان خالية من الخوف، وإلا ساد التهور والتسرع وفقدان التكافؤ في المشاعر التي ترافق الأفعال.. لا بد من الإحساس بالخوف فهو الرادع لكثير من الإنحرافات الخاطئة التي لا يستفيد منها الإنسان.. الخوف، بقدر ما نراه شقاوة قد تضيّع علينا نِعم الدنيا، وتفوّت علينا نصيبنا من المتعة، بقدر ما هو نعمة تقينا من الوقوع في ما لا نرضى ونحب..
كِيدي لي نصا يؤكد لي أني أحلم عن جدارة..
كِيدي لي جنة خلدٍ لا أخاف فيها.. ولا أحزن..
محمد عطاف
هولندة
Commentaires
Enregistrer un commentaire