ميدوسا ..و وهمنا پأمنيات تظل قضية/ الاديب أنس الشرايبي
ميدوسا ...ووهمنا بأمنيات تظل قصية
.....................................................................................................
قبل فترة؛ اقتنى احد الاثرياء منحوتة مشابهة لرأس ميدوسا اثناء عرضه في احدى دور المزادات بقرابة مليون دولار.
طبعا المنحوتة لم تكن لتلقى الاهتمام لولا سخرية القدر، والتي حولت بسببها الالهة اليونانية شعر كاهنة الى افاع سامة وبسبب خطيئة لم تكن لتغفرها في ذلك الزمن. ذلك ان تلك الكاهنة لم تكن تدري أن لعنتها تلك ستتوقف على يد بريسيوس الذي اكتفى بانعكاس وجهها على ذرعه، مخلصا الكثير من هاجس جمال آسر يحول الناظر اليه الى حجر حسب الاسطورة.
الكثير منا ربما قرأ ذلك الخبر، وبالإيجاز نفسه. دون ان يبحث عن تلك الحقيقة الخفية، فذلك الذي اقتنى تلك المنحوتة ربما كان يبحث عن ذلك السر الذي افنت لأجله الانسانية برمتها قرونا دون أن تدري بكلفته، فنحن نبحث عن ذلك الجمال في كل ما يحيط بنا، في امنياتنا التي تعثرنا بخيوط اوهامها، في أنفسنا التي تأخذنا احيانا الى مرآتنا لنسأل ذواتنا عن أشياء تحققت، أو أخرى ظلت عصية كطائر منفلت. نبحث عن الجمال في قصص حبنا، في ذكرياتنا التي يحدث ان نمسك بتلابيبها لنتجمد لبرهة امام مشهد من ذكريات عمر مضى.
-الجمال ليس صفة للأشياء بذاتها بل في عقل من يتأمله- يقول الكاتب الفيلسوف ديفيد هيوم ذلك ان بريسيوس يوم اكتفى بالنظر الى انعكاس اللعنة وحده كان يدري بالحقيقة ليقرر في لحظة ما لم نملك نحن ترف تجاوزه على مدار قرون، ففي غمرة اندهاشنا بالجمال في صورته تلك ننسى كم تبدو الاشياء اكثر اختلافا عن الحقيقة، لذا؛ يحدث ان نفتح ازميل حلمنا لنؤمن بنصف الحقيقة متجاهلين لعنة امنيات، او جمال آخر بأبعاد تأسرنا لبرهة لتصيبنا في مقتل.
مثل ذلك الثري اذا كنا وسنظل كبشر، نبحث عن تلك اللعنة، نفتش عن بقايا أحلام توقفت بنا في منتصف الطريق متسائلين عن السبب في كونها ظلت بعيدة المنال، نسأل عن حبنا الذي تعثرنا بخيبة قصته لنكتفي برثاء ما بقي من تلك الأوهام، من تفاصيل احتلت لواعج ارواحنا لتسرق منا فسحة نظرة اخرى لمشاريع حب قادم، او حتى لأمنية يرتبط قدرها بأشياء تغيرنا، تماما كما يتغير الزمن.
في داخل كل منا اذا؛ ذلك الباحث عن ميدوسا، عن مشاريع اوهام يحدث ان تأخذ من عمرنا الهارب هامشا زمنيا آخر، عن تفاصيل قصص تسرق منا متعة تأمل الأشياء، عن بقايا ذكريات احتفظنا بها في صناديقنا المغبرة متناسين كونها ستقاصصنا بفداحة خساراتنا.
في داخل كل منا ذلك الذي ينبهر بميدوسا ليسأل نفسه عن ذلك السر الكامن خلف وجه ربما لا يدري معظمنا كونه سيأخذ منا كما أخذ من عشاق آخرين ليلقي بقصصهم في مذكرات ستذبل اوراقها ليظل تمثال آخر يسرد اكثر من قصة ولو في صمت.
وكما قال ذلك الشاعر- ظالم هو الحسن!!
هل كان يدري أن ثمة ما هو اشد ظلما من قصة تنتهي لتترك ابطالها خلف غبار ذكريات عمر؟؟؟!!....
Commentaires
Enregistrer un commentaire