تلك النهايات وأحلامنا المعلقة /الأديب أنس الشرايبي




 تلك النهايات ...وأحلامنا المعلقة ....................................................................................................

تخبرنا الحكاية ان هناك امرأة انتظرت أحلامها لعمر، تلك التي بعدما يئست من رحلة الانتظار إياها، اختارت كتابة امنياتها على قطع ورق لتلقي بأسرارها إلى عرض المحيط، مفظلة الجلوس إلى ما بقي من غبار أشياء انتظرتها عمرا دون ان تتحقق.

مثل تلك الغريبة إذا كنا، ونحن نراكم امنياتنا في سلال العمر، نرتب اوهامنا في دفتر ذكريات، نعتق جزءا مما حدث ان تأملناه في صمت، نسأل أنفسنا عن تلك الأشياء الممكنة، وتلك التي انفلتت من بين اصابعنا في لحظة ما لتتركنا إلى صحراء الخيبة، ذلك أننا منذ بدء الخليقة كنا نعقد قراننا على الأشياء نفسها، على حب اجلسنا غير ما مرّة إلى تفاصيله المحيرة، على أشياء ولدت معنا او أخرى تعلقنا بتلابيبها مع العمر لنتمنى لو أننا أمسكنا بها، تماما كما أمسكت سندريلا بحلمها رافضة التنازل عن حذاء الساحرة.

ونحن نجتاز آخر ما بقي في سنتنا هذه؛ ما زلنا نسأل انفسنا كبشر عن بقايا تلك الأمنيات، تلك التي تعثر بها كثيرنا ذات منعطف، أو أخرى اكتفينا بيتم تامل صورها دون أن نملك تفاصيلها الأخرى، او بالأحرى طرفها الذي لم يزل بالنسبة لكثيرنا شبيها بقوس قزح. وبإمكاننا المرور بمحاذاة الوانه دون أن نتعثر بجرة الأسطورة إياها.

ذلك ان معظمنا لم يدر بتلك المسافة القصية بين الواقع وما هو خيالي صرف، نحلم ونحن نفتح صندوق اسرارنا الصغيرة، نحلم ونحن ننظر إلى بطل تعلقنا به ذات رواية، نصدق جزءا من قصة باحثين عن حقيقة انفسنا دون ان نصل إلى جواب لكل أسئلتنا تلك.

لماذا كل تلك الاوهام؟ نسأل نحن انفسنا، تماما كما تساءل فلاسفة كثر على مدار قرون. ذلك اننا لم ندر كيف لأشياء بعينها ان تتوقف بنا في منتصف الطريق لتتركنا أمام بحر من الأسئلة، كما لم يدرك كثيرنا كيف لحلم صغير ان يظل قصيا إلى ذلك الحد! وكيف لأشياء كبيرة ان تصبح حقيقة في مسافة ومضة.

نظل نحلم؛ ثم لا ندري اي منعطف سنسلكه بعد تحقيق امنيات معلقة - يقول الكاتب الاسترالي - بيتر سينجر-ذلك أننا نطفى شموع عمرنا واحدة تلو الأخرى دون ان نملك تلك الحقيقة، نجلس إلى ذواتنا، متأملين خسارة مرت بنا قبل زمن، أو أخرى تركت بدواخلنا اكثر من سؤال. إذ في غمرة كل ما نعبره على مدار سنوات عمرنا ننسى في لحظة ان ثمة أشياء كانت اجمل في استعصائها ذاك، وأن هنالك أشياء تولد دوما كحب يباغتنا ليترك لنا ازميل حلم نكتفي بصمت النظرة إليه.

في زمننا هذا ايضا ها نحن ننظر إلى جرار أحلام أخرى تعثر بها بعضنا في لحظة ما وكذلك الذي بلغ امنياته في ارذل العمر محتفظا بقسيمة يانصيب بقيمة نصف مليون دولار رافضا الذهاب لتسلمها بعدما قضى عمرا في انتظار اوهام كانت اكثر استعصاءا ربما من اقتناء قسيمة بمبلغ زهيد!!

كل عام وامنياتنا وامنياتكم اقرب الى الواقع!....

Commentaires

Articles les plus consultés