عن اليوم العالمي لحقوق الإنسان/الأديب أنس الشرايبي




 عن اليوم العالمي لحقوق الانسان  ..................................................................................................

قبل فترة انتشر عبر وسائط التواصل الاجتماعي ذلك الستجيل لتلك الفتاة الصغيرة الاوكرانية اثناء رحلة نزوح، تلك التي قالت امام العدسة - اين حقي في الوطن؟ اين اشيائي التي حافظت عليها لسنوات؟  كلمات أسالت الكثير من الحبر دون أن يدرك من اطلق اول رصاصة في الحرب ان ثمة اعطابا لا تصلحها الحروب، وأن خسارات الانسانية على مدار قرون تتجاوز كلفتها ما خططت له انظمة برمتها وهي توقع على معاهدة سلام بعد حروب لم تنتج سوى الجهل، الفقر، المجاعات ومشردون تناسلوا بالملايين في مخيمات تشهد بؤس عالمنا.

سنوات مرت على لحظة خروج الاقرار العالمي لحقوق الانسان، دون ان نصل الى ما انتظرته منظمات برمتها، كما نشطاء طالبوا في أكثر من مرة بوقف كل ذلك النزيف دون ان ينصت اليهم أحد، حروب انتجت ثكلى يتوقفون على حدود اوطان ترفضهم، وآخرون وجدوا انفسهم في برهة على هامش خريطة بسبب نزاع، فيما ثمة آخرون يخططون لاقتسام اوطان برمتها بين جنوب وشمال، وبين شرق وغرب، دون أن يكون معظمهم معنيا بما تدفعه الانسانية من كلفة وسط كل ما يحدث.

ونحن نعبر اليوم العالمي لحقوق الانسان ما زلنا نجتر الأسئلة نفسها، نفترش هواجسنا لنتابع نشرة مسائية او صباحية متأملين بصمت خراب أكثر من وطن، أو سحنات لاجئين يظل معظمهم ضحية صراع لا ذنب لهم فيه سوى انهم تواجدوا على الطرف الخطأ من الخريطة، ثكلى فقدوا وطنا، قريبا، او أسرا، أو بيتا كان يؤوي الكثير قبل أن يصدر امر بإخلاء لدواعي لا يعلم بها حتى ذلك الذي يتلقى امرا باطلاق رصاصة او طلقة من مدفعية، نسأل أنفسنا عن السبب في كل ذلك دون ان نعثر على الأجوبة، فبين الذي يبدأ لعبة اقتتال بسبب اطماع انفصال، وبين الذي يخوض حربا معتقدا ان لغة الرصاص وحدها تملك تغيير الأشياء، بينما يظل الانسان وحده في انتظار حلول قد تتأخر بسنوات، أو حتى بعمر في انتظار قطار سلام قد يتعثر به القدر عند اول محطة.

-كيف لا يثرون؟ فإن كانت آلة الحرب لا تدور بأوامرهم فهي في النهاية تدور لمصلحتهم؟- تقول الكاتبة الروائية أحلام مستغانمي ذلك ان تجار الصراعات على مدار عمر راكموا ثروات بالمليارات، دون ان يحاسبهم أحد على ما اقترفته ايديهم بحق الانسانية، ونقيس كمثال على ذلك ما جناه باعة السلاح ممن مولوا اكثر من انقلاب في كوكبنا، ليغسلوا جرمهم في اشهر البورصات العالمية دون ان يوضع احدهم امام دفة الأسئلة.

تنتصر الصراعات كما الارهاب والفقر حين نهمل الانسان بداخلنا، اي قلوبنا -يقول الكاتب الياباني جيو شي هيو- ذلك اننا على مدار عمر سلمنا قضايانا لمن لم يكن يعنيهم أمرنا، ولا حتى مستقبل آخرين تصدح اصواتهم في اشهر ساحات مدن عالمنا وهم ينادون بجعل عالمنا افظل! 

في يوم عالمي آخر لحقوق الانسان، ها نحن نكتفي بتيم الامنيات نفسها، نشاهد كل ما يحدث دون ان نملك سوى صمت تأمل خساراتنا الأخرى، وكحزن تلك الناشطة التي تجوب كل اصقاع اميركا بأقدام حافية مشهرة صوتها في وجه من يتاجرون باسلحة تقتل بها الانسانية كل يوم، لتظل شعاراتها كما شعارات اكثر من منظمة تجاور الصدى.....

Commentaires

Articles les plus consultés