فبراير وأحلام عمرنا التي كانت / الأديب أنس الشرايبي





 فبراير ...وأحلام عمرنا التي كانت .......................................................................................................

قبل سنة وثق احد رواد مواقع التواصل الاجتماعي تجربة وزع فيها ورودا على عابري جادة شهيرة في الصين، التجربة لم تكن لتمنح من أخذن منه الورود تلك الابتسامة التي كان يتوقعها وفي شهر كالذي يسمى في عرف عشاق زمننا بشهر الحب. ذلك ان الاحصائيات التي خرجت بها اكثر من منظمة رسمت صورة قاتمة عن المواطن الصيني، والذي بات شغله الشاغل البحث عن لقمة العيش في زمن التضخم وكثرة الديون.

لذا ما كان لذلك الشاب الذي عاد بنصف ما اقتنى من ورود سوى الجلوس إلى اسئلة ربما كان يدري بها اكثر من عايش ازمنة تغيرت فيها حسابات العشاق حد نسيان ما كان حتى زمن قريب شعلة اضاءت طرقات عشاق، افنوا عمرا في انتظار مواسم تغنى فيها معظمهم بقصة حب.

كما كل فبراير إذا ها نحن نعبر المواسم إياها تباعا، نضع ورق اجنداتنا ونحن ننظر إلى تلك الأحلام التي رسمناها قبل زمن، نبحث عن شعلة حب، أو عن بقايا قصة تركت في قلوبنا كل ذلك الأثر، ننشد زخات مطر ترسم على نوافذنا تلك الانعكاسات، نعيش لهفتنا الأخرى ونحن ننظر إلى جادة ذكرى، أو حتى رصيف كتبنا عليه يوما حلمنا، أو ذاك الذي شهد وحدتنا، جنوننا، وعمر انتظار انفقناه لأجل حب أخطأ طرقاته.

ذلك أننا ما زلنا كلما عبر فبراير نفتح اوراقا لقصة قديمة، نتصفح ذاكرتنا الأخرى ونحن نبتسم لأشياء مضت، لما ترك في لواعجنا لحنا لا تخطئه حواسنا، لنوازعنا التي دفعتنا صوب مرفأ، أو حتى محطة عاقدين قراننا على موسم عودة ينسينا هواجس مررنا بها على مدار أشهر في انتظار ذلك القادم الذي تأخر بزمن أو حتى بعمر. 

-فبراير..كم حلما عشنا في انتظار قصة حب مستحيلة- تقول الكاتبة الأمريكية ستيفاني ماير في روايتها " قمر جديد" ذلك أننا في كل مرة نعقد قراننا على بدايات قصة معتقدين انها ستشبه نظيرتها التي تركت في دواخلنا كل تلك الحسرة، لنفاجأ في لحظة بأن رهاننا اصطدم في لحظة بجدران الخيبة، كما بواقع طالما حكم على عشاق اكثر من زمن بالجلوس إلى دفة أحلام مغلقة.

سيمضي إذا فبراير، كما مضى ذلك الذي قبله، وربما سيمضي من عمرنا الكثير قبل أن نعي حقيقة جاءتنا بها اساطير كما حكايات منذ بدء الخليقة، حكايات تساءلنا مع ابطالها عن السر في كل ذلك التناقض، عن سر مواقيت قطارات اخذت معها من احببناهم، عن خطأ مواقيت محطات عشنا في زخم تفاصيلها كل تلك اللهفة ومشاريع ترقب لم يحدث ان نسيها معظمنا رغم مرور زمن.

وعلى رأي كاتب القصيدة اياها - كل دا كان ليه!! - لكأنه بذلك خبر مطبات عشاق زمن تنتهي في عرفهم قصة ما لن تجاور حتما فبراير، ولا حتى حلما كالذي سينقضي في برهة، عشاق سيتأمل معظمهم تلك النهايات وهم يتأملون عشقا تمضي به هواتف سرقت من البشرية اكثر من برهة عاش فيها آخرون لهفة حب لا تقاس بعداد ساعة هاتف قد ينطفئ ليأخذ معه شيئا من رماد عشق!!

كل فبراير وكل الأحبة كما الإنسانية بألف خير! ....

Commentaires

Articles les plus consultés