لذكرى فداحة خساراتنا أكتب / الأديب أنس الشرايبي

 





لذكرى فداحة خساراتنا أكتب ............................................................................................

قبل قرابة سنة شهدت أكثر من بلدة غربية ذكرى تأبين من غادروا في الحرب العالمية الثانية، وفي مشهد أسر حواس الكثير من عشاق بلدات صغيرة، تفاصيل تناقلتها أكثر من وكالة أنباء، وتحت العنوان نفسه 

-أتكفي خسارة كهذه؟! - كلمات تبدو في بساطتها أشبه برسالة يضعها كاتبها في قارورة ليلقي بها إلى عرض المحيط، دون أن يملك ترف التنبؤ بذلك الشاطئ الذي ستبلغه ربما بعد شهور أو أكثر.

ذلك أن من اجتمعوا في تلك الذكرى وحدهم كانوا يرون ذلك الجانب الآخر لحرب لعينة قضى فيها نحو سبعين مليون انسان، حرب دفعت البشرية ثمنها بأغلى مما كان يتوقعه تجار الحروب ومن قادوا أكثر من تحالف دون أن تعنيهم مصائر من انتظروا ان تتحقق امنياتهم بالسلام.

سنوات مضت على أكثر من حرب أثري فيها من أثري، وازداد آخرون فقرا ذلك أن للصراعات على اختلافها جوانب لا تميز بين من يحمل الرصاص، وبين من لا يحمل سوى صور شباب ألقت بهم اقدار التجنيد الاجباري الى ساحات حروب عاد منها معظمهم معطوبا أو بذاكرة مشوشة لفرط ما عاشوه في خنادق انهار معظمها ليقضي على أحلام من كان كثيرهم يحلم بلحظة توقف ليكاتب من اشتاق عطرهم، كلماتهم، وصوتهم، إذ وقتها؛ ما كان ثمة من هاتف متنقل يأتي بخبر غائب، ولا حتى رسالة نصية تطمئن أما؛ أباً أو حتى عاشقة تعقد قرانها على غياهب المجهول، بقدر ما كان الكثير يقضي زمنا ليتلقى برقية من غائب، أو آخر يكتب نيابة عنه، فيما كان قدر الكثير جثثا تكاد تختنق امامها العبرات.

قرون مضت دون أن يدرك تجار الصراعات تلك الحقيقة، فالذي اخترع الحروب لم تكن تعنيه حتما أحلام الإنسان، ولا حتى تلك الحريات التي ينادي بها كثيرون من ضمنهم تلك الناشطة الامريكية التي يبح صوتها بكل ذلك الصراخ في شوارع عاصمة بلاد العم سام دون ان تجد من أذن تصغي أو عقل يدرك لواعج الروح البشرية.

-لا يمكن أن نعثر على إسم حقيقي للحروب سوى أنها جرائم منظمة- يقول هاري باتش أشهر ناجٍ أميركي من الحرب العالمية الأولى، فالذي كان يراه ابن زمنه ربما ما كان يكفي ليوقف آلة الخراب تلك ولا ليجعل تقاطبات برمتها تقرر وقف ذلك النزيف.

مضى زمن إذا وها نحن أمام الصور نفسها، نرثي ذاكرة من غادروا، أو آخرين عادوا بأحلام معطوبة، عابرون ربما كانت أحلامهم تتجاوز ما بات يفكر فيه آخرون في ازمنة الحداثة وكثرة من يزايدون بالحقوق، لوبيات سلاح لم يزل معظم اصحابها يتنبؤون بحرب ثالثة، مستخدمين في ذلك حيلا اعلامية، وأشياء وحدهم سماسرة الحروب يملكون حل شفرتها.

في زمننا هذا ايضا ما زلنا نشاهد مآسي النازحين من اراضي النزاع، وكتلك الاوكرانية التي لم تكن تلتحف سوى أحلامها لتعبر الحدود. وعينها على خسارات سنظل تحصي تفاصيلها كلما فتحنا شاشاتنا على تلك العواجل ...

كل عام وكل الانسانية قيد انتظار عالم افضل!!!

Commentaires

Articles les plus consultés