عن اليم اتحدث/ الأديبة جميلة مزرعاني/ لبنان
# عن اليمّ أتحدّث
في متناول امتداده الشّاسع وانبساطه الأزرق المتماوج إنعتاق بصري مسمعي وكلّ حواسّي. لانشراحه الفضفاض تستسلم روحي تنسلخ منّي تسترخي سويعات تسرج صهيلها المكبوت في حنايا الصّمت كلّما يأخذني قارب الإصرار لراحة نفسي أطرح في أغواره موبقات شجوني أبدّل شحوب ملامحي وتجهّم وجهي المتأرق أنزع عقدة حاجبين دامغة من شقوة الحياة فتراني كالمجنّدة عند شاطئه الرّملي يستدرجني رذاذ عذب يغسل سحنة اكتئاب عابرة ينثر سرابات أحلام تسبح كأسماك في عرض مياهه الصّافية وتختفي وتبقي نظراتي تطارد قوارب الإبحار غدوًا وأوبة تطارح صخب الموج هناك يهطل مطر المقل غزيرًا يرخي ثقل الحدقات تاركًا الصّخور تمتصّ أملاح شجون تراكمت من محن فيغوص بعضها ليكمل رحلة اللّؤلؤ النّقي تتلقّفه أصداف رابضة تحتسيه بشغف. أخذني أمضِغ تساؤلاتي عن هذا البلسم المجّاني النّاجع كم نفسي مديونة لتلك الواحة المائيّة الزّرقاء ينبعث منها ألف طبيب وطبيب يعيد عشّاقه كمن ولدتهم أمّهاتهم في وضح النّهار بحلّة جديدة ونفس زكيّة حيث الرّاحة والسّكينة والاستجمام على أنغام تتكسّر على الصّخور تردّ الرّوح وتبعث الحياة ويبقى الخيط موصولًا بين اليمّ وعابري السّبيل يخلّف حصاد حكايا بعين الشّمس وعهدة الزّمن تنقلها مرايا فيروزيّة التّكوين نذرت تراميها للسّماء.
Commentaires
Enregistrer un commentaire