قراءة نقدية د. مرشدة جاويش / لنص( لا عجبا) الشاعرة فاطمة عبدالله

 


القراءة : 

احتمالية #النومين #التلازمي #في #ترادفات #الشعورية #للتعالق #الحسي #في #التجلي #اللانمطي 

لنص (لاعجباً) للمبدعة والناقدة السورية فاطمة عبدالله : 


#الإستنطاق_التمهيدي #العام #للمعنى #الكلي:

من سسيميائية العتبة العنوانية ومناخية المعنى 

 فهناك في الحداثة الأخيرة يجب أن تكون العنونة معنى موازياً للنص وهي علامته في تكثيف النصية الشعرية وتدخل ضمن مكنون الوحدة العضوية لأنه حينها يكون النص قد ضخ جمالية عالية في الإحتمالات كما في النص المطروح //لاعجباً //

بمعناه الشمولي هنا

حين ندثر بحروفنا وهجها ونكبت حمى الصليل تلتاع اللغة بين أيدينا 

هي أوجاع تعبرنا لكننا ندفنها على خاصرة الذاكرة ونطوف ليسكننا هديرها ونلوي عنق الجمر بالإكتواء ولنُومي للكلمات التي تومض بالنهايات الصادمة والروح المتألمة 

والتي ترتل حريق الشجن اليائس

نجسُّ نصاً مؤدياً سياقاته المطلوبة وله أثر البيان والمعاني في دقة وجمالية التعبير السهل الممتنع في حكم نهج البلاغة اللغوي والذي يتفرد بشرود الذات بهذا المحيط المكسور والوطن المثقل وترددات الأنا المستشعرة بين ماض وحاضر ومستقبل تبث لوعتها بتشكيلية متنوعة لتعطي صدى الخيبات 


#الشكلية #الكلية #والوحدة #العضوية #استهلالاً


بدواً الجملة الخبرية المؤكدة بالنفي أعطت للسياقات قيمة التأويل الحتمي بين تدحرجات الحالة النفسية بالنفي لعدم التعجب حين تنسّل الأنا من ذاتها إلى زمنية وجودها مستهجنة 

 // لاعجباً لاعجبا 

أسقطت رأسي 

هجرت حاضري

غادرت نبوع غدي//

وهذا التطلع يحوم بلا جدوى 

// لم يهطل القطر 

ليبلل مياسم القلب 

تصحرت مواويل الزعفران//

هو الانتظار الغير مؤمل القادم كجواب على اسئلة تشاكس قعر تلك التجليات الجافية الطاغية 

بلغة أبعد عن الاستاتيكية الشعرية ويتضح ذلك من ترادفات الصور

هي القصة الازلية للمعاناة

// يرعبني الظلام تسحقني النوائب 

تسوق الآفاق وتتكدس 

غيومي//

 بارتباط النص بواقعه ومخيلة الإبداع واسقاط الرموز التصويرية كمعادل موضوعي من خلال لغة شعرية مبهرة واسترداد في حال الفعل الانفعالي المستهجن والمتجلي بالمقارنة وتسلسل صوب ناصية المعنى العام ككل

بمشهدية عالية مزمكنة وتصويرية دقيقة حددت هوية النص لمابعد الحداثة بين القهر والتطلعات بإحكام بمعالجة درامية حدثية أثثت من خلال الأنوية الى تفجير الطاقة الرؤيوية الأرضية الشعرية لدى المبدعة فهي المحرك (الدينامو) الذي استقر عليه النص القائم على نضوب واشتهاءات لملمة القحط النفسي وانتظار الأماني الناضبة بين واقع موجع وبين انفلات على المدار العام


#التحليليةالمحيطة :

كيما نراه من جغرافيا النص حركية تتنقل بين تمفصلات النص بتأصيلية لها تردداتها السايكلوجية في معادلة التجلي

بين آنية تملأ الأفق جمراً وسفناً تلتهب بالمصير المؤمل أرى الحلم برئة حروف الناصة يخطف أجنحة الطير ليعيد بعث الشمس من الحصاد

لأننا نرى هنا قلم تنهار مجامعه وذاك قيوم هذا الحرف الميكانيزمي في استقدام هذا البحر من الصور والمفردات القوية التي لا تحتمل إلا بث تلك الايدلوجيات الخاصة من رصيد تلك المرأة الفريدة التي تشاكس السطور ببنيوية من خاصة الخاصة 

//لاعجباً ... لا عجبا //

// ابحث عنك طوق نجاتي...

 بكفي مارد

عبثا....أين أنت ؟!

رجع الصدى//

وكبداية لعروج يحيط بحالة من عدم الاعتياد لشيء يعد خارق للبنية الخاصة لها في وجود أداة نفي ( لا ) والتي تغير المعنى من عدم الاعتياد إلى حالة من اللامبالاة وعدم الاكتراث فهي لم تعد تتعجب لشيء فكل ما يحدث وإن كان غريباً أصبح معتاد فكل ما حولها غريب بل /لاعجب/

وفي تشظي الأنا تطلق الكلمات الموحية كأفعال في الماضي

 //أسقطت / هجرت غارت //

 بداية لها ذائقة الجمل الفعلية في الماضي الذي نفرته الأنا الشاعرة لترسخ حدوث الفعل والانتهاء منه بتشكيل مصور تنقلت فيه ما بين الزمان والمكان والمستقبل مع كل هذا الخوف إلى تركيبية تصويرية معنوية وشيئية وسائلة لتتيح تركيب فكرة عامة عن التلاشي وخوض معركة ضارية تنسحب منها نحو اللاشيء في هذا الزمن الكظيم

ويأتي المقطع الثاني تأكيداً على الاول

//لم يهطل القطر ..

  اسباب مياسم القلب ...

تصحرت مووايل الزعفران 

أطالع السماء ...

انكدرت لوحة الفجر //

مع بث يحول المضارعية لماضوية بدخول أداة جازمة هي / لم / لتنفيه في الماضي فنرى صورة التصحرالنفسي المتوجس في تشبيه باهر خرجت به مفازة اللانهاية إلى مواويل / حضور صوتي /

 مع وضعها في صورة جديدة نباتية /زعفران /

 بامتزاج بين المكان /صحراء / وظاهرة الصوت /مواويل / 

مع ماسبق من نفي مطلق لنرى هذا التركيب الباهر لدراماتيكية الكلمات 

مع تناص الآية الكريمة

 (إذا النجوم انكدرت ) 

في // اطالع السماء 

انكدرت لوحة الفجر //

لتضع الناصة المشهدية الشعرية في وضع التلاشي الذي يأتي به السقوط من أعلى لأسفل فمعنى لفظة 

/انكدرت/ السقوط والانصباب 

بإحتمالية الشاعرة بصورة للوحة مشظاة تتساقط من هامتها في تعبير عن انهيار تام


#التوجه_العام_للنص 


بشكل عام نجد صيرورة الحدث الشعري له الدينامية الحية الملازمة للتعالق السايكلوجي مع التأهيل التأصيلي للأنا المستنفرة بظاهرانية تحتم استهجان الفرز الذاتوي من ضلوع الشكوى المحاصرة للذات والموشومة باليأس

لها ترابطيتها الكلية كوحدة عضوية مكملة حين تسترسل الناصة:

ب//أطبق هدبي على بؤسي

أتململ وشتاتي في خوابي صمتي/ /

فحين نمعن في المفردات تتجلى أجمل الصور 

فكيف نطبق الهدب وهو

 /جسدي/ على البؤس وهو 

/حالة/ للذاتية الشاعرة هذه المواكبة جعلت التأويلية بأوج اعتمارها وقاربت بين الجسد والروح بمزاوجة بارعة

واستطردت بالوصف لتجمع الحالة المؤرقة وهي أنوية حسية مع الجماد أو الشيئية 

فهذه التوليفة أبرزت الطور النفسي المثقل للشاعرة الذي يسلب النبض من رحيق الاحتمال ويعطي تناسلات الفكرة 

#الفكرة #والأسلوبية

#وصدى #الصور

كأننا أمام نص سينمائي له دراميته فاعتماد الفعل المضارع غالباً بالنص كمزامنة للمجريات الحدثية وضع فكرة النص في حالة حركية كاشفة لمضمون التصويرية النصية وتفاصيلها وأعطى للنص ديمومته 

وهذه الأسلوبية قلما نجدها لدى شعراء يبرعون بأسرار الفعل الحداثي وأرى شاعرتنا منهم

( أطبق هدبي على بؤسي 

اتململ وشتاتي في خوابي صمتي ) 

صورة تحمل شجرة البؤس بكامل وجودها في تنقل ما بين المعنوي ( بؤسي ) ومقلة العين مع فعل في المضارع بتطويع الحدثية نحو ديمومة الوقوع / أطبق /

 فهي لا ترى البؤس بل مصور على مقلة العين في حالة من الشجن في مشهد مكتنز يحتاج لنجدة مع تناصية (وسفين نوح)

/ سفن نوح تنجيني/ تحملها من حالة الشتات إلى موضع أمان مع كم من الأفعال الحاضروية التي أعطت الوقع المبتغى للصور ( أطبق /اتململ / يتقاذفها / تغزو / تخيفني / تؤلمني/ يرعبني/ تسكن / تتسرب /

 تضع النص حتى الختام في ركام متجدد مستمر لا ينتهي من الضياع النفسي 

مع ألفاظ موحية ترافق ذات الحالة وتضع الصورة ما بين الشتات وخوابي الصمت في تلاحم ما بين الوضع الحركي من تهيج المشاعر الداخلية وحالة الصمت والسكون في تصوير مهدّ لمعادل موضوعي /للضياع/ 

/ نجمة تائهة عرض السماء/

فكيف يتوه من يهتدى به في تشكيلية تستنبط سلوكية لها دوافعها الحسية وانفعالاتها تؤكد حالة الضياع وكأنها سفينة

 // يتقاذفها موج ليل كظيم // بين العباب مع منح الليل الحزين الذي يغلي من الغيظ صورة توصيفية فيها من الإبهار 

 تبلورت في تشكيل تصويري ملفت 

وفي استكمال للمشهد يتم وضع صورة فيها العواصف وكأنها جيوش في استعارة للمشهد ككل الذي تحول فيه القلب لمدينة لها ثغور أي مواضع ضعيفة غير محصنة يمكن الجند الولوج منها مع تطويع وضع مفردات من ذات الصورة ( الزمهرير / الرعود ) لتتوافق الخشية والخوف من تلك المفردات مع النسق العام للرؤية ببراعة مائزة 

هي تناهبات الذات المتناقضة الغير مستقرة مع هذا الحس المنتمي 

( الظلام / النوائب ) كلاهما مفردات تحمل معنى الخوف والضغط الذي لا يرث سوى القهر مع أفعال مستمرة ( يرعبني / تسحقني ) في المضارع تحمل تأكيد الحدث الذي لا ينقطع حدوثه 

ويظهر ما قبل الختام إنسان النص ( الحبيب ككل ) والذي من الممكن إسقاطه على الوطن فهو ذات المذاق ففقد هذا وذاك يعني الضياع ( تتسرب من أصابع السراب ) 

مع صورة شخصنت السراب مع لفظة //أصابع // لتصبح الأحلام والأماني ليس مجرد سراب بل نعيش مع الشاعرة في مشهد مركب رؤية عجائبية لسراب السراب في مشهد ضياع بلا عودة 

ثم ختام يجمع ويلخص الاشياء في مفردتين ( أبديا / أزليا ) 

ما بين ماله بداية ( أبدياً )

وليس له نهاية

 وبين من هو قديم ( الأزل ) الغير معروف بدايته مع ( أفك الأمنيات ) 

التي تعني الأماني الكاذبة فهو مجرد كذبة لاوجود لها

لا هو أزلي ولا أبدي مجرد خيال بعض شعيعات أفرزتها الشمس في منتصف السماء //وميض الزوال // ثم يتبعها الزوال 

هنا تناص وظاهرة فلكية تأخذنا نحو تلاشي الأحلام وإن ظهرت بغتة ولكنها تتلاشى كما ينكسر شعاع الشمس نحو الغروب

بحرفية عالية أعطت لنهاية النص مفارقاته بعد كل ذاك الطواف لتبقى الاحتمالات في حيز التفسير للمتلقي لكنها مؤكداً تحيل تآويلها والحيز الشعوري النصي لهذا الوطن المدحور منذ الأزل 

وهذا يحسب للشاعرة التي لم توهن النص بخاتمة اعتيادية 

#الختام :

لغة الناصة هنا تتوسد الثقافة المنتمية وتغفو فوق الأفق المحترق لتدلق كهنوت الإبداع بكل الاحتراق 

بمعاني تستحق قراءات تعصف بكل تفاصيل لغتها

بوركت 

#إنجاز :

#مرشدةـجاويش


#النص :


لا عجباً ...لا عجبا ...

  أسقطت أمسي

   هجرت حاضري...

غارت نبوع غدي....


 لم يهطل القطر ..

ليبلل مياسم القلب ...

  تصحرت مووايل الزعفران...

أطالع السماء...

انكدرت لوحة الفجر ....


  أطبق هدبي على بؤسي ..

 اتململ وشتاتي في خوابي صمتي...


هيهات ..هيهات.. سفن نوح تنجيني..

نجمة تائهة عرض السماء ...

يتقاذفها موج ليل كظيم...


 تغزو العواصف ثغور قلبي...

 أخشى الزمهرير..

 تخيفني الرعود  

تؤلمني هجرة الطيور

  يرعبني الظلام

  تسحقني النوائب ..

تسود الآفاق وتتكدس غيومي ..

ابحث عنك طوق نجاتي...

 بكفي مارد

عبثا....أين أنت ؟!

رجع الصدى...

  ريح تعوي على أبواب 

 المدى ..

 تسكن كوكب المحال....

    أنت خلب طيف ...

تتسرب من أصابع السراب ..


   أنت إفك أمنيات 

من مخاض الخيال......

لست أبديا ولا ازلياً ..

.. ...وميض الزوال....


بقلم فاطمة عبدالله

Commentaires

Articles les plus consultés