انكسار الحلم/قصة قصيرة/الأديبة جميلة مزرعاني





 انكسار الحلم

قصّة قصيرة. بقلمي


أيّام قلائل.. وينزاح عن كاهلي كابوس العناء الآخذ في الإفراط،صبر بليل ويتحقّق الحلم المنشود قالتها سارية تتنفّس بعض الصّعداء وهي تنظر إلى نفسها في المرآة تأخذ قسطًا من الرّاحة في هزيع ليل مقمر.وقد أضناها التّعب الإرهاق باد على وجهها النحيل الشّاحب وقد برزت عيناها غائرتين في كلال مثير ،وصداعٌ مقلق يعتريها بين الفينة والفينة فتعلّل ذلك بالجهد الكبير والسّهر الطويل قد استنفدت الوقت في تحضير رسالة الدكتوراه في اللّغة العربيّة مقتنعة أنّ العلم لا ينال إلّا على جسر من التّعب. تأمّلت القمر في نظرة خاطفة مصحوبة بابتسامة فاترة ثمّ هزت رأسها تقول في نفسها:لم يبق غير القليل. ها هي تضع اللمسات الأخيرة على المطالعة التي ستلقيها في مستهلّ المناقشة تعرّف خلالها بمقدّمة البحث تفند فصوله شرحًا وتحليلًا واستنتاجا شاكرة كلّ من دعمها لتنجز هذا الإصدار. بعدها تتفرّغ لحياتها الخاصة وفاء للوعد الذي قطعته على مروان بالإرتباط به بعد تخرّجها من الجامعة وقد ضاق صبرًا ينتظر على حرّ جمره .لا بأس الأسبوع المقبل سيكون حاسمًا فالأساتذة المشرفون على الرسالة باتوا على أتمّ الإستعداد وحدّدوا لها موعد المناقشة بات قاب قوسين من تحقيق حلمها لموضوع يستحقّ أن يكون عنوانًا لأطروحتها :" لغتنا في خطر "وقد أجهدت نفسها طوال السنة تثري موضوعها بأدلّة حيّة ودراسة شاملة معمّقة تثير الجدل علّها تضع حجرًا لإنقاذ ما آلت إليه اللّغة العربيّة في عصر التكنولوجيا من حملات التحريض والتقليل من شأنها والعمل على إضعافها والنيل من أرقى لغة في العالم بالتركيز على النّشء والجيل الصّاعد تغرس في نفوسهم وعقولهم بذور اللغة العربية اللغة الأمّ.لغة الضّاد والقرآن الكريم بإجراء دورات تدريبية تأهيلية لصون اللغة والحفاظ على قواعدها اللغويّة بإزالة الشّوائب التي تشوّه لغتهم.

يوم يومان ثلاثة ويكون الحصاد بعدها أجري بعض الفحوص المخبريّة لأكون جاهزة ليوم الخطوبة - مسكين مروان تحمّل أكثر من طاقته كم يحبّني بصدق ؟ سأكون وفيّة له وأسعده حتى آخر العمر .الصداع يعود من جديد ليعكّر صفو هناءتها لن أسهر الليلة سآوي إلى الفراش باكرًا. غدًا يوم آخر .الحمد لله كل شيء أصبح جاهزًا. يا إلهي رأسي يؤلمني أمسكت رأسها بيديها ودوار شديد يلقي بها أرضًا غائبة عن الوعي في غرفة الإنعاش إثر نزيف حادّ في الرّأس أوقعها في غيبوبة، أكّد ذلك الأطبّاء وهي تتلقّى العلاج المناسب بإنتظار أمر الله الشافي المعافي.وفي الخارج الأهل يغرقون في حزن شديد لما أصاب ابنتهم و مروان مخطوف اللّون يروح ويجيء كالمجنون يفرك بيديه يتمتم بعبارات الترجّي والدعاء لسارية بالشفاء العاجل القريب. والكثيرون يتّصلون سائلين عن حالتها المستجدّة وقد رفع أساتذتها المناقشة حتى إشعار آخر .

ترى هل ستصحو سارية لتعيد ترميم الحلم وهي التي لطالما أدركت أنّ مفاتيح الأمور العزائم ؟ 


جميلة مزرعاني 

لبنان / الجنوب 

ريحانة العرب

Commentaires

Articles les plus consultés