قراءة تحليلية في نص الشاعرة مرشدة جاويش للناقد باسم عبد الكريم العراقي/العراق
قراءة تحليلية موجزة في نص الشاعرة السورية "مرشدة جاويش" :
(( وأنا التي عانقتُ جرحي في المدى
بشفاهِ أمسِ الحاضرِ المنسيَّ
لمّا أن يباغتَني الخواءُ
وأنا أكابرُ...
هل تمدُّ يدَ المكابرةِ المحالْ...
من بين أشواكِ الذي يأتي ولايأتي على مرمى الغسقْ...
لتثورَ في مرآة صبري زفرةٌ
ويصيرَ نبضي فيكَ موسيقى الألقْ
أحيا...
ولكن فيكَ
في صمتِ الفجيعةِ
واحتراقي
وردة ...
سكناتِ وهمٍ غارَ في دنيا الصدى
يرتدُّ
حين تصيدُهُ
همساتُ أسرابِ المكانْ ...
هل عانقتْ في الضوء "ميدوزا" بقيةَ شعرِها
صقلتْ جلالةَ عينِها
أم أنَّ "إيزيسَ" أفاقتْ
ثم راحتْ صوبَ حقلِ الأرزِ
تجمعُ الأشلاءَ
ليعودَ "أوزوريسُ" ثانيةً
لقيومِ الحياةْ...
هل أمسكتْ كفي خيوطَ متاهةِ الآتي ...
وأنا بقيعانِ الجحيمِ سأنتشي
ليكونَ نبضُك زهرةً
خرجتْ لتحيا في بساتينِ الركامْ...
إني أواقعُ
مثلَ زنبقةِ بلا ماءٍ ظلالَ الامنياتْ...
هي ظلُّ أقدامي
التي لمّا رآها في سكونِ الماءِ
حتى جُنَّ "نرسيسُ" وهامْ...
واقعَ الظلَّ
وكانَ الفجرُ
ينثرُ في الوهادِ الخضرِ
أغنيةً عذراءَ
في عشِّ اليمامْ...
إني أحبُّكَ
أفنى فيكَ كي أحيا
وأحيا
كي يصيرَ الحبُ موسيقى تغني للسلامْ...
وهناك في وجعِ الحدودِ الحمرِ
جاوزنا المآلْ...
في زوايا غربةٍ للروحِ
في عينِ السؤالْ...))
............
القراءة:
--------
بدءاً اود الاشارة الى ان اختياراتي لبعض المقاطع النصية هي على سبيل الاستشهاد حسب .
لغة النص ( حداثوية / ما بعد حداثوية )، حيث يتداخل فيها تكسير المألوف (الشكل مضموني)، بغية خلق اشكاليات في تفسير والشرح دلالات اشاراتها واضفاء حالة من الارباك والشك والتشتت والتشظي عليها ، كمايتمظهر هذا مثلاً في :
(( خرجتْ لتحيا في بساتينِ الركامْ...
إني أواقعُ
مثلَ زنبقةِ بلا ماءٍ ظلالَ الامنياتْ...)) لمحاصرة وعي المتلقي الماقبلي في ذائقته وقياساته الجمالية وحمله على التعاطي مع النص بآنية معيارية يجتهد لاكتشافها بين احشائه ( اعني النص ):
((سكناتِ وهمٍ غارَ في دنيا الصدى
يرتدُّ
حين تصيدُهُ
همساتُ أسرابِ المكانْ ...))
بنية عموم اللغة الفنية بالاشاراتها المعنوية وعباراتها الشعرية متماسكةالسبك ، مكثفة بانزياحاتها الدلالية والتركيبية:
(( بشفاهِ أمسِ الحاضرِ المنسيَّ
لمّا أن يباغتَني الخواءُ
وأنا أكابرُ...
هل تمدُّ يدَ المكابرةِ المحالْ..))
مع رمزية عالية وصور ترتكز على (تراسل الحواس):
(( لتثورَ في مرآة صبري زفرةٌ
ويصيرَ نبضي فيكَ موسيقى الألقْ))
مافوق واقعية :
(( أحيا...
ولكن فيكَ
في صمتِ الفجيعةِ
واحتراقي
وردة ...))
تتسم بنية الشكل التعبيري بالتفكك المنفتح، معكوسا ومضادا للشكل الترابطي المعهود في اللغة الشعرية المألوفة، وانسيابيتها العفوية، في سياق من التشتت البنائي الجمالي ليعطي القارئ، لغة شعرية واسلوباتجديديا،فيها من تنويعات الاشتغال على تفكيك النسق اللغوي بلغة صادمة لذوق المتلقي السطحي
وما مر التطرق اليه هو من الخصائص الفنية للغة الشعرية مابعد الحداثوية ( محايثة منغلقة)، اما الحداثوية فتتجلى بالاحالات المقامية ( خارج النص ):
(( هل عانقتْ في الضوء "ميدوزا" بقيةَ شعرِها)) و((أم أنَّ "إيزيسَ" أفاقتْ )) ، و ((حتى جُنَّ "نرسيسُ" وهامْ...))
وهذا التمازج الذكي فتح النص وجعله ( متعدد الطبقات ) معنوياً، وهذا يعني ( تعددية قرائية)، يمد في عمر النص ويصيِّره متجدد الولادة
تحياتي
Commentaires
Enregistrer un commentaire