رائعة من روائع مصطفى سليمان/المغرب

 🌹 حكاية طفل يعشق جمع الأوطان🌹


قبيل الفجر الطفولي 

طلبت من أبي

أن يبتاع لي وطن .. 


و أنا البريء المتشيطن .. 

بالكاد أميز الحلو من المر 

و بعض كليمات مسمعي تمر 

كتلك التي تدعى المحن .. 

ألححت إلحاحا 

تماديت 

صدعت في أبي صبر الإنسان  

كم ثمن الوطن .. !!! 

أريد ذاك الوطن .. !!! 

كم يمكنني أبي .. الابتياع .. !!! 

كم نبتاع من وطن .. !!! 

و أنا المطالب بوطن 

لم أكن أعلم .. و أنا الطفل الشيطان .. 

كون مجرد النطق بها جملة 

.. البيع و الشراء في الأوطان .. 

يصيب الرجال بالوهن .. 


قبيل الفجر الطفولي 

طلبت من أبي

أن يبتاع لي وطن .. 


كم أتمنى للوراء أن تعود 

عقارب الزمن 

إلى حدود علمي كنا بالكاد 

بدايةَ تضييع وطن 

رغم الشجن كان وطنا  

من مجموع أوطان 

الحاصل لم يتعدى حلما 

يستحيل فيه خسارة وطن .. 

كم كانت ستكون التكلفة 

لو نهض جميع رجالنا في واحد 

و أقاموا الحد على سارق الوطن 

و كم كانت ستكون حجم الفرحة 

لملايين الأطفال إذا كذبنا 

و قلنا اليوم عيد 

فاشترينا لكم وطن .. 

و دارينا شهدائنا و قلنا لأطفالنا 

كونهم ذهبوا إلى السماء 

لجلب الحبال 

علينا بربط الأوطان .. 


قبيل الفجر الطفولي 

طلبت من أبي

أن يبتاع لي وطن .. 


لم أكن أعلم أن الوطن 

يساوي الوجدان .. 

لم أكن أعلم 

أن هناك من يعيش بلا وجدان .. 

فكيف سيحافظ على الأوطان 

إن من لا يملك الوجدان 

سهل عليه بيع فلذات كبده 

فكيف بالبلدان .. 

أَكِّدوا يا سادة أوِ اضْحَدوا 

فكرة طفل ينوي شراء وطن .. 

و كيف تكفكفون دموعه 

و تقنعوه أمام العلن .. 

و هل أنتم في مستوى القضية 

ابتياعا لمن يريد استعادة وطن .. 


قبيل الفجر الطفولي 

طلبت من أبي

أن يبتاع لي وطن .. 


في عز الأحلام المأمولة 

لما كانت كلمة ال عرب 

تجعل الرعد يرتعد 

و السبع الأراضي تتكلم عربي 

كانت الأوطان في الوجدان .. 

كان المتتبع الأعجمي 

يعلم أنه أمام قلب واحد 

و بإستغاثة من واحد 

الكل في واحد يتوحد في وطن .. 

كانت كل القضايا على اختلافها 

تصدح بحب واحد .. حب الأوطان .. 

فطفل الأمس على نهجه يمشي 

و بأحلامه مايزال ينتشي 

رسالته واضحة 

من أجل وطن لا تدمروا الأوطان .. 

بالأوطان يمكن أن نبتاع ذاك الوطن 

بحب الأوطان يمكن أن نتمدد الأسرَّة 

بطول و عرض الأرض 

و نمد أنابيب المصل 

و نعيد موازنة دمنا مشاركة 

في حب الوطن .. 


قبيل الفجر الطفولي 

طلبت من أبي

أن يبتاع لي وطن .. 


اليوم كبر الطفل 

اشتد عوده 

صار ذاك ال أنا .. 

أُعلِنها بما أوتيت من وهن .. 

افتحوا المزاد 

تزايدوا و تزاحموا 

يرحمكم الله 

و على بركة الله :

من يشتري لي وطن .. 

أنقذوا هذه الأوطان 

أنقذوا الطفولة فينا 

أنقذوها من آفة الوهن .. 

أفتحوا الأرصدة 

و اقرضوا الله قرضا حسنا 

بشراء وطن .. 

إن جنان الخلد تنتظركم 

بعرض السماوات 

و الأرض بجميع الأوطان 

لم يتبقى لنا متسع للأشجان ..  

سارعوا و سرِّعوا وتيرة المغفرة 

فباب الرحمان مشرعة 

لكل محسن يبتغي الإحسان .. 

مغفرة لمدى الأزمان 

بشراء وطن لطفل 

يعشق جمع الأوطان .. 


مصطفى سليمان / المغرب.


Commentaires

Articles les plus consultés