اشكالية القصيدة العمودية المعاصرة / الشاعر فائز الحداد
اشكاليةالقصيدة العمودية المعاصرة بين النظم والشعرية.. الوزن لايعني الشعر.. الشعر شيء اخر!!
تبقى القصيدة العمودية أساس الشعر العربي وديوان العرب _كتراث _كما قيل.. لكنَّ العالم اللغوي ( قدامة بن جعفر ) أخطأ في تعريف الشعر حين قال: ( الشعر هو كلام له معنى مقفى و موزون ) مع العلم كان من أكبر البلاغيين ؛ وقد رفض هذا التعريف كل اللغويين والبلاغيين قديما وحديثا، لما انطوى عليه من خطأ فادح بحق الشعر والشعراء معا؛ولسنا هنا بصدد ذكر ما قيلَ بحقّه على لسان من جايله ومن أتى بعده.
إن الذي يهمني بهذه الصدد هو أن ألقي الضوء على مكونات القصيدة العمودية تاريخيا ومعاصرة ولماذا هي من الصعوبة بمكان قد تصل إلى مقاطعتها والنفور منها لأسباب عديدة وكثيرة ، فهذه القصيدة في تكوينها التقني هي قصيدة مركبة تجمع مابين:
القانون_ بمعنى العروض.. والشعر _ بمعنى الشعرية .
( اي إن الشعر شيء والوزن شيء آخر ) وسأوضح ذلك ملخصا..
_ القانون:
هو: النظام الذي يفضي إلى الإيقاع الموسيقي للبحور الشعرية التي وضعها الخليل بن أحمد الفراهيدي وأكمل عليها الأخفش رحمهما الله؛ وسار عليها جميع شعراء العمودي .. فالذي لايعرف تلك الأوزان يتعذر عليه الكتابة فيها،لذلك كان توق التخارج عنها والخروج عليها واردا وحاضرا منذ زمن الخليل كـ( أبي العتاهية ومن جاء بعده وكالأندلسيين وما جاء بعدهم وهلم جرا .. إلى أن ظهر الشعر التفعيلي وما سمي بالشعر الحر على يد السياب ونازك ولو باعتقادي( أن هذا الجنس لم يكن شعرا متحررا كما يجب) والقصيدة الحرّة ( قصيدة النثر ) هي ما تعبّر عن هذا المفهوم؛ لأنها تحررت من شرط القانون والقافية والغرض الشعري وحرف الروي ومايتصل بذلك من جوازات وممنوعات تحررا كاملا.
_ الشعر: بمعنى الشعرية : هي تلك التي تفضي إلى أساس تقنية الشعر التي تقوم على ( الشك )* في التخييل والافتراض والأحتمال وإلى الصورة المباشرة والصورة المتخيلة والصورة المركبة وكذلك إلى الإستعارة وإلى الرمزية في استهداف الدلالة والمعنى معا ، وكان أرسطو من أوائل من عرّف الشعرية، وعرّف العرب الشعرية قديما: بأنها فن صياغة الشعر بعد أن مرت بثلاث مراحل؛ وهي: مرحلة التقبّل، ومرحلة الفن ، ومرحلة الصيغة .
_السؤال المهم هنا: هل كل من عر ف الأوزان وكتب القصيدة العمودية هو شاعر؟
الجواب لا ؛ فالكثير منهم نظامون يعرف بالوزن وتنقصه الشعرية ومن الظلم أن نضعه في خانة الشعراء .
وعليه أقول: إن الشاعر في رأيي يجب أن يقوم على مقومين مهمين هما:
الفطرة والفكرة ..
الفطرة حيث الموهبة ، والفكرة حيث الثقافة ؛بمعنى أن يتوافر على ( الشعرية ) أولا ( واللغة والقانون والمعرفيات ) ثانيا ؛ وبحلافهما هناك خلل تركيبي وتقني في التكوين فلا شاعر ولا شعرية هناك.
هامش:
*الشعر في تقديري لا يعرّف كونه يقوم على الشك في ( الإحساس والإفتراض والتخييل ) صوب يقينيات يستهدفها ولا يصل إلى تلك اليقينيات إلا بشك مضارع آخر؛ كي تبقى جدلية الشعر مستمرة وقائمة . ولكن يمكن أن نضع له وصفا فنقول : بأنه الشرط الروحي المثالي في التعبير عن الحرية .
* ليس كل من كتب في مايسمى بقصيدة النثر هو بشاعر، فالكثير مما كتب ويكتب فيها هو بائر وتافه ولا يحسب على خانة الشعر .. وكل ماحدد لها من شروط أجده ناقصا وواهيا وهي بحاجة إلى معرفيات نظرية كثيرة.
أن الذي دونته هنا هو اجتهاد ورؤيه شخصية لشاعر ليس إلا.
*الكتابة في الشعر تجربة ،والتجريب عادة إما يقود إلى التأديب بمعنى الأدب وأما إلى التخريب.. والمخربون الآن كثرٌ وحدث بلا حرج .
.......
هذا ملخص رأيي الشخصي وأرجو ذكر المصدر عند النقل أو الإشارة.
Commentaires
Enregistrer un commentaire