قواقع خرساء /الشاعرة سناء شمه
(( قواقعُ خرساء ))
نزلتْ تتمايلُ من ذاكَ التلِّ
ترتدي خِرقةً وعصبةً خضراء
في يدها قواقعُ من عينِ البحر
خَطّتْ بالرملِ الساخنِ حروفاً مائلات
تَبصَّرتْ وشهقتْ ،ثم نادتْ :
يا أنتِ يا أحجية الدثور
ظلّكِ يقبعُ في منازل الرماد
مذ صبابتكِ أحداقٌ تتأجج
تُشَمِّرُ عن قدَدٍ خرقاء
تلتّفُ حولكِ بتيه مدارات
تجذبُ مرَّ عسلٍ في أقبيةِ
تُطوِّعه شرابا يُكدِّرُ الشفاه
وأنتِ كالنحلةِ تحلِّقُ فوق الزهور
ترتجين شهداً ينزعُ العذاب
أجبتُها :
يا أنتِ ..ما لَكِ وقواقع خرساء
أ تنطقُ خرافةً نسجها وهن العنكبوت؟ .
في رَحِمٍ ظلماء كُتبَتْ حكايتي
أن يرافقَني الحزنُ كأشجارِ البلوط
يُساقطُ أهدابي في دُلجةِ أدمعي
ويفرُّ الوِدُّ بأقصى القارات
يوم دفنتُ أضلعي بترابِ الثكليات .
غابَ القمرُ وانكفأ في بيتِ السحاب
جدائلُ الفجرِ تضُجُّ بأوجهِ البكاء
تعتّقَ الحزنُ في قلبي كدتُ أثملُه
وإذ بنداء الروحِ يُقلقلُني
يوقِظُني الديجورُ أحيانا
وأحيانا يسمقُ الظلُّ
يُغطِّي أشلائي كأفنانِ الشجر .
الدربُ عسيرٌ وابن الريح يهفو
فلديكِ أملان يفُجّان وعرَ الهضاب
أن تمشِّطين الخطا وتسبري الخِبايا .
هكذا تجوسُ أعوامي
في فيافي وعناوين اغتراب .
يا أنتِ : ياتليدة الأساطير الكذوبة
لملمي خرزَ الوهمِ واشرعي لاختباء .
يُموِّتُ الجفنُ إغفاءةً تحت القمر
إذ تشهّيتُ أرجوحةَ الطفولة
مُذ تَمرَّدَ الطيرُ في وكرهِ
فتجرّدَ الفؤادُ في أفياء العمر .
تغطسُ النفسُ في أغمدةِ الذكرى
تُتَرجمُ النزفَ بِلُغاتِ الجراح
ويطوفُ بعنقِ حروفي
سبعٌ من قافلاتِ النياح
قد رَمَلَتْ قدماي لِسديمٍ مُرتجى
وإذ يغرقني بأعماقِ لوعةٍ
حتى يبزغُ شفيفُ الصباح .
فإنّ القلبَ باتَ باسطاً مغشِيّا
لايرجعه أكسيرُ نبضٍ
وإن تقطّرَ على جبينه سُبحاتُ مطر
فأنا سلّمتُ لقدري لحظ بلوغه
وقرابينُ النُذرِ لن تغيِّرَ الكتاب
بقلمي/سناء شمه
العراق
Commentaires
Enregistrer un commentaire