بقعة شاي / الكاتبة فوز حمزة
بقعة شاي
حينما أمررت يدي بين طياته وشعرت بملمسه الحريري، أغمضت عينيّ لأسمح للذكرى في حملي بعيدًا كأني مسافرة في قطار لساعات مجهول عددها.
كانت المرة الأولى التي ارتدي فيها فستانًا أخضر اللون يزين خصره حزام رفيع وزهور سوداء منثورة عند الحواشي.
لماذا تأخرتِ؟ سألني هذا السؤال وهو يمسك بيدي لأول مرة.
انشغلت عن الإجابة بما يحدث لجسدي في اللحظة.
لم أكن أعرف من قبل ما الذي تفعله لمسة الرجل في جسد عذراء عاشقة!
نظر إلى ساعته قائلًا كأنه يحدث نفسه: الوقت يأتي مسرعًا ويمضي مسرعًا!
في اللحظة التي بعدها سمعته يتمتم، ربما كان يسألني عن المقهى الذي سنرتاده، لأني رأيته يشير بيده ويخيرني بين اثنين يتوسطهما محلًا لبيع الساعات.
شعرت بنبضات قلبي تهاجر منه لتنبض داخل رأسي وفي قدمي، وفي شعري.
قال: لندخل مقهى المروج الخضراء، هل تحزرين لماذا؟
ابتسمت بخجل لأنني لا أعرف السبب. أفكاري كانت مبتورة لم أتمكن من صياغتها في جملة واحدة.
ضحك وقال وهو ينظر في عينيّ بكل جرأة بعد أن جلسنا: لأنك ترتدين الأخضر الذي أحبه، لولا تلك الحواشي لبدا أكثر روعة.
تجمعت الغيوم فوق قلبي حينما سمعت حديثه عن الحواشي اللعينة، لماذا لم أختر فستانَا دون حاشية؟!
قال دون اكتراث وهو يمسك بقائمة الطلبات: أنا أمزح معكِ، أنتِ رائعة بكل حالاتكِ، كالصباح الذي أعشقه.
أمطرت الغيوم فوق الضفاف وكادت أن تفيض لولا سؤاله: ماذا تشربين؟
بصوت كأنه ليس لي قلت: شايا.
رفع رأسه وقال باستغراب: شاي ! لماذا لا تطلبين مشروبًا آخر؟!
تعجبتُ من نفسي، لماذا الشاي وأنا لا أحبه!
ابتسمتْ ولم أطلب شيئًا آخر.
كنت أتمنى لو يعود الزمن لحظات لأطلب الكابتشينو ، لكن الزمن يأتي مسرعًا ويمضي مسرعًا.
وضع النادل أمامي فنجان الشاي. كان كبيرًا وممتلئًا.
أمسكت بعروة الفنجان وقبل أن أقربه من فمي، ارتجفت يدي وأندلق الشاي على فستاني الأخضر الذي يحبه.
قفزت من مكاني، لكن لم أصرخ.
نهض مقتربًا مني.
سألني ونظرة قلق في عينيه: هل أنتِ بخير؟
هززت رأسي و الخجل يكاد يميتني.
بعد لحظات، تيبست بقع الشاي على الفستان ليصبح لونها بنيًا داكنًا.
قال لي وعلى فمه ابتسامة عذبة: الآن، فستانك أصبح أجمل!
ثم قال وهو يشير للنادل بالمجيء: سأطلب لك كابتشينو بدل الشاي.
مضى الزمن مسرعًا .. عشر سنوات وما زالت بقع الشاي الداكنة على الفستان الأخضر.
Commentaires
Enregistrer un commentaire