عيون ما وراء السراب/ الشاعرة سناء شمه

 


( عيونٌ ما وراء السراب ) 


إيهٍ أيّها الوطنُ الغاضب 

على مجرى نهريكَ مَصَبُّ عزاء. 

في نهارِكَ وليلِكَ أملٌ مذبوح. 

تصطفُّ حماماتُ الهجيرة 

على توابيت الغدرِ، منقوعٌ بالشظايا

 وجَسدٍ مَطروح. 

بيوتُ العجائزِ تتلظّى جدرانها، 

 ويتيمُ الظِلِّ في دَمعِه مَفضوح. 

وَيلاه قَمحُ الزارعين ألسِنةُ حرائقٍ 

يتصاعدُ دُخانها كَعِقالِ تِيهٍ

 وصلاةُ غائبٍ تَضجُّ بالوافدين 

على أكتافِهم شهادةُ مَوتٍ

 بِالدَمِ المسفوح. 

اشتكى الصَبرُ من الصَبرِ

حتى احدَودَبَ كَظهورِ الجِياع. 

لا عيداً يؤنسُهم في الصباح 

فقدوا خيوطَ الفجرِ،  

وهاموا في مُدُنِ الضياع. 

تجودُ الذئابُ بأنيابِها في كلِّ زُقاق 

وهناكَ الزنازينُ حُبلى بأوجهِ السِباع. 

على ماذا أبكي؟ وهل مُتّسَعٌ؟ 

إذ يحتقنُ الدمعُ في مَحفلِ المَنايا

 فَهَلْ مِن مَزيد؟ 

فلولُ الوغدِ تتباهى بِقلاعِها 

تَظنٌ أنّ النجومَ تُغتالُ

 بِسيفِ الخِداع. 

وإنْ عطشى الفراتِ إذا بُتِّرَتْ من ذِراعِها 

نعم يَجُفُّ دَمٌ ويولدُ منه 

ألفُ دَمٍ مُطاع. 

تَقَيّأ الحقدُ على أعتابِ الشَرار. 

وتلكَ سَبايا الجَهلِ يُبدينَ سُمَّ القرار. 

على مَهدِ الخِيانةِ يَنعَقنَ كالغُراب. 

وَانتفضَ بٓفوهَةِ البارودِ وَلَهاً، 

كأنّه غَمامةٌ من ضَباب. 

تَخنقُ الروحَ بِحبلِ طاغوتٍ حتى تتوارى الأنفاسُ خلفَ الحِجاب. 

هكذا أرادوها يومَ وََطئوا منازلَهم 

أن تبقى العيونُ غائرةً ما وراء السراب. 

وأن تُسلَخُ الشاةُ في كلِّ الأوقات.

ضاعَ العشقُ في وطنِ الصِراع. 

تَلَبّدَ الفؤادُ من ذاكَ الوباء

 فقميصُ الوَجدِ قُدَّ من دُبُرٍ،

 فأنّى تَتَفتّحُ له مغاليقُ الأبواب. 

هذي الشوارعُ الخلفيةُ

 ملأى بأفواجِ الذُباب 

تسترقُ السمعَ بِبَغيضةٍ 

تحرقُ النسلَ، ومدادُ مقابرٍ فوقَ التُراب. 

أنّى تغني فيروزُ ثانيةً؟ 

بغدادُ والشعراءُ والصُوَرُ

وفمُ زَمانِنا أخرسٌ، مُقَرّحٌ بالولاء. 

وهذي طقوسٌ عوابسٌ 

تَمُصُّ ثَديَ الفجيعةِ بالبُكاء. 

وكأنّ أسرابَ الطيرِ في هَلَعٍ ونحنُ نمضي إلى المشاش في انتهاء. 

يوم غابَ الهُدهُدُ، عادَ بِنَبَأٍ يقين

ثُمّ انصاعَتْ بَلقيسُ لِدينِ سُليمان. 

وأنتم تعبدونَ العرشَ والدولارَ بِعٕينِ اشتهاء. 

بؤبؤُ الفؤادِ نقيعُه تأوه الحسرات. 

والحاملاتُ وَقراً تَخمدُ بألسِنتِها كلَّ الموقِدات. 

يا حَسرةً على النخلِ والزيتون والباقيات. 

ما نَجَتْ من جِلدِ الأفاعي 

وصهوةُ تشرينَ أودعوها 

أربابأً في ملالةِ الأشياء. 

فكم من قابيل كَحّلَوا جُفونَهم بِرمادِ الدَهاء. 

يَزدَرون بأطيابِ العيشِ وأثواب البهاء. 

وفي غفلةٍ من هذا 

سَتأتيهم واقِعَةٌ تَصعقُ 

حتى أمطار الشتاء. 

فَليَتَمَهّلوا، طريدُ اليومِ يَجتّرُ صَبرَه

 من بَطنِ العَذاب. 

وغداً هم المارِقونَ تَحسبُهم صَرعى يَتَوَسّلونَ المَوتَ باسِطي كنوزهم ومن خَلفِهم ألفُ حِسابٍ وحِساب. 


بقلمي /سناء شمه 

العراق 🇮🇶

Commentaires

Articles les plus consultés